الأربعاء، 26 أغسطس 2009

بعد ما شاب ودوه الكتاب


فى اخر احصاء لوزارة التربية و التعليم سن القبول بالكى جيه او الجاردن دانفون ( الروضة يعنى بالعربى لان الكلمة دى الناس نسيتها ) هو اربعة سنوات ، ياه يدينا ويديكوا طولت العمر اتنين روضة وستة ابتدائى وثلاثة اعدادى وثلاثة ثانوى ( يعنى لو التلميذ مجتهد وميش حيعيد ثانوية عامة ) وبعدها الجامعة من اربعة سنوات وانت طالع يعنى نقول كدة ثمانية عشر عاما وانت طالع من التعليم ، حلو اوى كدة بعد الثمانية عشر عام على الاقل تطلع معاك شهادة جامعية مشفية ( يعنى لو انت جيد وفيما فوق ) او بالعظم لو انت مقبول، ولو حظك حلو ودخلت كلية من كليات القمة (القمة دى يعنى اللى فوق ) حتنال لقب مهندس او دكتور او خريج علوم سياسية ومستنى امتحان الخارجية ، اما لو كنت من مساكين الثانوية العامة المتوترين ( المطوطرين بلغة ذكية زكريا) ودخلت حقوق او تجارة ( وبيسموها جراج الجامعة فى بعض الاقاويل) او اداب ( دى ملهاش علاقة ببوليس الاداب ) لكنها جامعة العلوم الانسانية بداية من اللغات حتى المسرح ( المرسح على راى واحدة قربيتى) واخيرا لو انت مضيع معهد خدمة اجتماعية سابقا ( حاليا كلية ) ويطلق عليه فى العامية سيكلام ، او اخيرا معهد البوستة باسوان واعرف زميلا لى كان من الاوائل على الثانوية العامة ( يعنى من ملوك الدح وعظماء المذاكرة ، والاكادة مكنش بياخد دروس ، ميش علشان حاجة مستخسر فلوسها ) ووضع معهد البوستة باسوان كرغبة ثانية بعد هندسة الاسكندرية




على اية حال تلك المقدمة كانت لبيان حال الطالب المصرى من بداية تعليمه فى الرابعة حتى النهاية فى الثانية والعشرين او يزيد قليلا او كثيرا وكل واحد وشطارته بقى ، وبتطبيق الحالة السابقة على العبد لله فقد كنت طالب مثاليا جدا سنتان جاردان دانفون (معلش عوجة اللسان تحكم برضو) ، ستة سنوات ابتدائى وثلاثة اعدادى وثلاثة ثانوى واخيرا خمسة سنوات بالجامعة يعنى تسعة عشر عام من الكفاح المسلح اقصد يعنى مسلح بسلاح التلميذ ، حتى نلت شهادتى مشفية من هندسة الاسكندرية .




لكن بعد كل هذه السنوات والكفاح ولان الانسان طماع اقصد يعنى القط بيحب خناقه، فقد قررت وانا بكامل قواى العقلية ( المتبقى منها اساسا ) ان ارجع الى حلبة التعليم مرة اخرى بعد الاعتزال ، نعم ارجع الى حلبة التعليم بعد اثنى عشر عاما من الاعتزال تخللها بعض الدورات والدراسات الحرة الغير محسوبة .




MBA كانت هدفا لى منذ سنوات عديدة ، لكنه هدف بعيد المنال نظرا لطبيعة عملى وتنقلى طوال الفترة الماضية ( على فكرة دا الكلام الدبلوماسى والحجة اللى باقولها لاى حد ) لكن حقيقة الامر كان عدم وجود عزيمة فى البداية .




المهم توجهت الى الجامعة بعد نصائح عدة تخللها نقاشات طويلة للاستقرار على جامعة الاكثر سهولة ( ميش لازم اعقد نفسى يعنى ) وفى نفس الوقت التصريح ( الياسنس) لازم يكون من جامعة محترمة فى انكلترى او امريكا ( عقد بقى منا حدفع يعنى ) ، وقد تحققت حلمى بجامعة معقولة فى الصعوبة وتصريح من اكسفورد ، اه والله اكسفورد يعنى حيكون معايا شهادة من اكسفورد ، قابلت مسئولة التسجيل بعد عشرة دقائق من الانتظار نظرت الى مبتسمة وهى تتسائل اجنبى؟ رديت بابتسامة اكبر لا انا مصرى ، تلاشت الابتسامة من على وجهها وهى تردد يعنى اجنبى ؟ رديت وانا ادرك المقصود من وراء السؤال (اكيد القصد ادفع اكتر منا اجنبى بقى ) بنبرة كلها فخر واعتزاز ايوة اجنبى مصرى ، تعود الابتسامة الى المسجلة مرة اخرى وهى تتسائل (منين فى مصر ) ارد اسكندرية اجدع ناس ، تضحك بلا اجابة ، وتعطينى قائمة بالطلبات ، كلها عادية ما عدا طلب غريب جدا موافقة المجلس الاعلى للجامعات على الشهادة الجامعية فى حالة كونها من دولة اخرى ، تسائلت عن سبب وجود هذا البند ، فردت وعلى وجهها امارات التعجب من سؤالى انه قد تكون شهادتك مزورة ( مضروبة يعنى بلغتنا ) لان كثير من الاغنياء يشترون شهادات من اوروبا الشرقية بلا اى دراسة ، اردد لكن حضرتك فاهمة غلط ( صحيح انا ابان انى من بولندا لكن انا من اسكندرية فى مصر ، يعنى ميش حضرب شهادة من جامعة اسكندرية ) ، تبتسم ابتسامة صفراء التعليمات كدة ، لكن من الممكن قبولك مؤقتا حتى انتهاء الموافقة ، وعلى فكرة هناك طلبة لم يحضروا الموافقة منذ اكثر من عام ، ارد طبعا ( اه قولى كدة يا شيخة ، تنظر باستنكار ، الحق نفسى شيخة فى مصر ملهاش علاقة بالسن ) ، وفى النهاية تم تسجيلى مؤقتا على ان تبتدى الدراسة فى اول نوفمبر


اشحذ عزمى الان ( اشد حيلى يعنى) ، وحشترى كمان شنطة للكلية (ساك ادو) ظريفة كدة منا طالب بقى ، ومفيش مانع اضرب جينزين وقميصين ونضارة جديدة لزوم الروشنة , الواحد خايف فعلا لحسان مينجحش فى الامتحانات , طيب زمان كان الواحد بيراجع فى اللجنة مع الزملاء فيما يسمى بشبكة المراجعة العنكبوتية ، حقدر ارجع الميزة الذهبية دى تانى وقدرتى على التخفى والاتصال بالزملاء فى اللجنة فى اسوء الظروف ، ياه كانت ايام والله ، كان الواحد بيحل الامتحان قبل ما يدخل (من اللى بيسمعة من مواس المذاكرة ودود الكتب )


على اية حال لقد عدت من الاعتزال ، وعلى التدريب وبقوة على حضور المحاضرات ( مكنتش بحضر معظمها اساسا وانا فى الكلية ) والانتباه للدوك (اسأل الدوك وثبته ومتخليهوش يتحرك من تختته) دا كان شعارنا فى الباخ الدكتور بكثير من الاسئلة



السؤال الذى يطرح نفسه وبقوة هو من هم الزملاء؟ ، زملاء الكفاح الذين سيتساقطون واحد تلو الاخر بين سميسترات الماجستير ، ويضيعون فى غياهب الامتحانات ، نظرت فى دفتر المسجلين الجدد ، عدد المسجلين حتى الان اكثر من عشرين والاعمار معظمهما اكبر منى ، يعنى من المتوقع الجدية فى الدراسة ( حيكونوا جد ومواس بقى ونظام اعد يا دوك اعد وعظمة على عظمة يادوك) ومفيش واحد حيكون جامد فى المراجعة الجماعية زى الله يمسيه بالخير احمد كيرشوف ، كان ملك المراجعة الجماعية ، وقد اطلق عليه احمد كيرشوف نظرا لاستعانته بقانون كيرشوف الكهربى فى كل المسائل الكهربية ابان العام الاول لنا فى القسم ، ومن الحوادث الشهيرة لكيرشوف خروجة عن طوره فى احد الامتحانات بعد ان ظن ان زميل تجاهله فى المراجعة الاخيرة ( طنشه يعنى ) واخذ يسبهم حتى تم طرده من اللجنة فى حين ان الزميل المسكين لم يكن يسمع بالاذن اليسرى والتى كان موقع كيرشوف من ناحيتها ، والحمد لله ان الزميل لم يسمع ايضا كم السب الكبير من كيرشوف بالرغم من سماع كل اللجنة حتى الدوك للقصيدة كاملة .
فى النهاية لقد قبلت التحدى الجديد واعدكم بعد عشرين شهرا (ياه كتير اوى اوى ) اعدكم بان احصل على الماستر بيزنس ادمستريشن بتصريح من جامعة اكسفورد فى كل من البروجكت مانجمنت والسيلز اند ماركتينج ، وطبعا بعدها حاجى اتنطت عليكم شوية واتفلسف اكسفرداوى بقى يا جدعان اعذرونى يعنى

الاثنين، 24 أغسطس 2009

مرارة الهزيمة وحلاوة النصر (بهيــــــــــــــــــة)

(ايها الاخوة لقد تعودنا معا فى اوقات النصر وفى اوقات المحنة فى الساعات الحلوة وفى الساعات المرة ان نجلس معا وان نتحدث بقلوب مفتوحة، وان نتصارح بالحقائق مؤمنين انه عن هذا الطريق وحده نستطيع دائما ان نجد اتجاهنا السليم مهما كانت الظروف عصيبة ومهما كان الضوء خافتا، ولا نستطيع ان نخفى على انفسنا اننا واجهنا نكسة خطيرة خلال الايام الاخيرة لكنى واثقا اننا جميعا نستطيع وفى مدة قصيرة ان نجتاز موقفنا الصعب، وان كنا نحتاج فى ذلك الى كثير من الصبر والحكمة والشجاعة ومقدرة العمل المتفانية ) الرئيس الراحل جمال عبد الناصر

المتابع لحرب الاستنزاف وكذلك ظروف مصر الاجتماعية فى تلك الفترة يستطيع توقع تاثير النكسة على الشعب المصرى ، وقد حرصت كل الحرص على محاولة تحليل نكسة 1967 او بمعنى ادق تاثيرها على المصريين ، واستطيع الجزم بان النكسة خلفت فى ايامها الاولى احتمالين لمسارين يمكن للمصريين المضى فى احدهما

المسار الاول وهو صاحب الاحتمال الاكبر فى الحدوث ، وقد حرص العدو على تأكيد حدوثه بكل الوسائل ومنها المبالغة فى اظهار جسامة الحدث وان الانتصار الاسرائيلى كان كاسحا وبلا اى مقاومة مصرية بل الامر لم يكن اكثر من نزهة بسيطة ، كما حرصوا على استخدام الة الميديا فى ترسيخ تلك الافكار ومنها اذاعة اجزاء حية من المعارك او ولنقل من الانسحاب المصرى المهين ، كل هذا للضغط على الشعب المصرى لكى يسلك هذا المسار.
الجزء الاخطر فى احتمالية حدوث المسار الاول هو الحالة النفسية للشعب لمصرى قبل الحرب بكل طبقاته وايمانهم العميق بمدى صلابة الموقف المصرى وقوة الجيش المصرى وامكانية حسم الحرب بلا اى جدال وانه لا وجه للمقارنة بين مصر واسرئيل، بل اكثر النقاش كان حول مدة الحرب وامكانية اعلان النصر فى زمن قياسى، وطبعا بقدر الثقة كان الانهيار
وسيناريو المسار الاول سهل جدا وبسيط، ثقة زائدة ، هزيمة مروعة تولد نوع من عدم الثقة بالنفس وبالمجتمع المحيط، تؤدى الى الانعزال والتشرزم ويصاحبه نوع من الصدمة المؤدية الى حالة من توقف الزمن عند ظروف ما قبل الحرب والعيش فى امجاد الماضى وان ما حدث مجرد كبوة او صدفة واننا ما زلنا الاقوى والاحسن، اوتوقف الزمن عند اللحظة ما بعد الصدمة تماما والشعور بالضعف الرهيب وان الهزيمة اصبحت واقعا ملازما لا مفر منه، وبالتالى العيش فى محاولة تجنب الهزيمة مرة اخرى بالفرار الدائم من المواجهة ، وفى كلتا الحالتين العدو مستفيد فجزء منا سيعيش على الماضى وجزء اخر سيؤمن ان الهزيمة هى المستقبل ويحاول الهروب منها .
وبلا اى مبالغة المضى فى ذلك المسار سيؤدى الى حالة من الانهيار تحتاج الى سنوات طويلة جدا للرجوع الى النقطة صفر ناهيك عن اعادة البناء، اعنى هنا بناء الشخصية المصرية القادرة على خوض الحرب مرة اخرى وليس بناء البلد او اعادة تسليح الجيش ، فتلك امور اسهل ما سكون اذا ما توافرت الشخصية القادرة على ذلك.

اما المسار الثانى وهو الاقل احتمال للحدوث فى حالتنا نظرا للعوامل التى تجمعت لدعم المسار الاول، فهو تولد نوع من الغضب العارم المصحوب بمرارة القهر وذل الهزيمة ، يؤدى الى انصهار تام لمشاعر الشعب فى بوتقة الانتقام، وتنمامى مشاعر غل الثأر بحيث تضفى وتسيطرعلى اى مشاعر اخرى، فتصبح الافراح مشوبة بطعم الهزيمة، حتى الحب يمتزج بالكره للعدو وتمتزج احلام التلاقى بامنيات النصر، اما الابتسامة فهى ناقصة وعلى استحياء وتصبح مشاعر الجميع موجهة لهدف واحد وهو الانتقام للهزيمة والثأر لما حدث ومحو العار او على الاقل الحاقه بالاخر.
وسيناريو المسار الثانى اصعب ما يكون، لانه يحتاج الى صبر وتركيز وقدرة هائلة على امتصاص صدمة الهزيمة، ثم التحول من حالة الامتصاص لحالة التعامل معها واخيرا محاولة تغييرها.
وبالرغم من صعوبة المسار فى مرحلته الاولى الا ان تحقيق اى تقدم فيه سيؤدى الى تغيير جذرى على ارض الواقع

تلك النقطة الفاصلة فى تاريخ المصريين اثبتت ان المصرى يملك من الحضارة ومن الرصيد ما يدعمه بشده ويدفعه الى تغيير الواقع بل ايضا الى كسر النظريات والمسلمات ، الغرق فى المسار الاول وان حدث لم ياخذ من المصريين اكثر من فترة وجيزة ، ثم حدث التحول للمسار الثانى وبكل قوة.

اعترف ان بحثى عن احداث ووقائع تؤكد كلامى لم يكن بالصورة المرضية نظرا لكونى بعيدا عن مصر، لكنى اكتفيت بثلاثة روايات اثنين من الواقع والاخيرة من السينما عن تاثير وقع الخبر على المصريين وامتصاصهم للصدمة .

خرجت عمتى ذات الاربعة والعشرون ربيعا من بيتها بشبرا الى مقر عملها بعد ان استمعت الى الراديو الذى اكد بداية المعركة، وهى واثقة تماما من النصر ( حسب روايتها والتى اخذت منى مجهود جبارا لدفعها لسرد احداث النكسة والبعد عن سؤالى عن احوالى وتوبيخى على العيش خارج مصر وحثى على الاستقرار بمصر، معلنة كفاية بقى غربة ، وتعتبر عمتى من جيل الثورة المتشبع تماما بافكارها والمؤمن بها وباحلامها بطريقة تستفزك، وتلك كانت دائما من نقاط اختلافى معها الى جانب طبعا كونها اهلاوية فهى ناصرية جدا ، وبالرغم من تلك النقطتين الاساسيتين الا انى اعتبرها من اقرب المقربين الى وواحدة ممن اثروا بشكل مباشر فى تكوينى وتربيتى ) اما فى مقر عملها فلم يكن الحال يختلف كثير ترقب مشوب بثقة فى النصر ، خوف من الحرب طبيعى يغلفه ارتياح للاخبار ، ومع مرور الايام بدأ القلق يتسرب بالذات الى نفوس الطبقة المتعلمة ، فالارقام مبالغ فيها ، والاذاعات الاجنبية تناقض اذاعتنا فى كثير من الروايات ، ثم تحول القلق الى خوف ثم رعب من الهزيمة ، وحالة من الذهول واللا تصديق، صدمة بمعنى الكلمة ، والصدمة الاكثر هى رؤية جمال وقد كسرته الهزيمة ، وجمال يمثل الشعب عند عمتى كما اسلفت ، دموع ابن عمى والتى تربيه عمتى وهو المراهق ذو ال18 عاما كانت الاثر تاثيرا عليها ، اما اكثر ما احتاجته فى تلك الفترة كانت الوحدة ومحاولة البعد عن الناس ومحاولة تصديق ما حدث وتفسيره او ايجاد من يستطيع ذلك
الحالة الثانية وقد حرصت ان ابحث عن احد الضباط المعاصرين للنكسة من اصدقاء والدى رحمة الله عليه او من الاقارب ، والحمد لله وصلت الى زميل لابى كان محامى بالقضاء العسكرى بعد تقاعده من الجيش حيث درس الحقوق بعد حرب 1973اثناء خدمته ، وبعد محاولتى المضنية لكى اعرفه بنفسى واذكره بابى والتى تقريبا بآت بالفشل ، وان كان الرجل من اللياقة بحيث انه اوهمنى انه تذكر والدى وعرفنى وانا اشك فى ذلك ، واختصارا للوقت افهمته انى اعمل بالصحافة واود عمل حديث عن النكسة وقد تذكرت سيادتك كرجل معاصر لها ، لا اطيل عليكم بعد حديث طويل فهمت ان الجيش لم يحارب وان وحدات كثيرة لم تحارب اصلا ولم يتم استغلال مواقع تمركزها لان الصدمة والارتباك كانا المسيطرين على الموقف فى القيادة المصرية مما حرمها من التفكير المنظم ، وان الجيش وحده تحمل مرارة الهزيمة ( وان كنت اجد ان فى هذا مبالغة ) وان كثير من زملائه عندما رجعوا الى بيوتهم لم يتحملوا نظرات المقربين ناهيك عن الاخرين بالشوارع ومنهم من قطع اجازته ولم يتحمل البقاء وسط المدنيين من قسوة السخرية المشوبة بالحسرة ، بل ان هناك جنود وصف ضباط وضباط رفضوا الاجازة اصلا ، وهناك حادثيين استشهد بهما لجندى كان يصر على الاستمرار فى نوبات الحراسة لساعات تصل الى 18 ساعة واكثر متواصلة بدون اى راحة ليثبت لنفسه انه قادر على التحدى وانه برئ من جريمة الانسحاب، واخر رفض الرجوع الى قريته قبل اخذه بالثأر لصديق عمره والذى قتل اثناء الانسحاب والطريف ان هذا الجندى لم يرجع لقريته الا فى اواخر عام 1968 بعد ان اشترك فى اشتباك مع العدو ، وكثير منهم من اجل زواجه او غيره ، اما هو نفسه فقد اجل زواج اخته وزواجه لعام كامل .
اما الحالة الثالثة لحارة مصرية تتلقى خبر الهزيمة ، بذهول وعدم فهم ، بل وسخرية ، صدمة ، كفر بالثورة ومبادئها ، اما بهية وهى الام والاخت والجارة والخليلة فى عقدها الرابع ترفض الهزيمة بكل قوة تستهين بها وتؤكد انها ستدافع عن المنطقة ( الحى ) بكل قوتها، وطبعا هى لم تفهم الانسحاب الى الخط الثانى وتتسائل هل الخط الثانى للقتال هنا فى الحارة؟ ، الجميع يستمع لخطاب النكسة الشهير فئات مختلفة من الاسرة والجيران فى حالة ذهول الا بهية فهى رافضة لحالة الاستسلام بالرغم من انها على ما يبدوا اقلهم حظا فى التعليم ، ثم تنطلق معلنة اننا سنحارب ولن نرضخ للهزيمة تصرخ باعلى صوتها فى الحارة (حنحــــــارب حنحــــــارب ) واعتقد ان بهية ترمز للمصريين فى تلك اللقطة الرائعة او بمعنى ادق ترمز لمصر، خاصة وان اهل الحارة يلتفون حولها ويرددون نفس الهتاف وبكل صدق ، فى حين رجال الحكومة والمخابرات يتسائلون اذا كانت تلك المظاهرات منظمة بواسطتهم؟ وياتى الرد بالنفى .
وينتهى المشهد باغنية الشيخ امام مصر ياما يا سفينة كاحسن ما يكون للتعبير عن حال مصر فى تلك الفترة المؤلمة( ومواكب فى عيون صبية بهية عليها الكلمة والمعنى ، مصر با اما يا سفينة مهما كان البحر عاتى فلاحينك ملاحينك يزعقوا للريح يواتى ، اللى على الدفة صنايعى واللى على المجداف زناتى واللى فوق الصارى كاشف كل ماضى وكل اتى ، عقدتين والتلاتة تابتة تركب الموجة العافية، توصلى برة السلامة معجبانية وصبية يا بهية )
اخيرا وبعد الاقتراب من الشعب المصرى فى فترة تلقيه خبر النكسة وردة فعله سواء على الجبهة او العمق الاستراتيجى، واعنى هنا العمق الخاص بالشخصية المصرية المساندة لجيشها على الجبهة ،يزول عنى كل اندهاش مما حدث فى حرب الاستنزاف ، واجد ان المعجزات التى حصلت فى تلك الحرب او حرب العبور هى امور متوقعة من تلك الشخصية، صحيح قد تكون غير متوقعة من المحللين والباحثين العسكريين، الا انها لاى شخص عادى مثلى اقترب من ذلك الشعب فى محنته تعتبر امور منطقية بل تعتبر نتيجة لمعطيات تعامل معها هذا الشعب العظيم بمنتهى التلقائية.