افتح عيناى فجأة الظلام مسيطر على المكان يساعده فى ذلك الهدوء ، لا ادرى سببا واحدا لاستيقاظى مبكرا قبل حتى ارسال الشمس لاول سفرائها الى الارض معلنا بدء يوم جديد ، لعلها قطرات العرق التى تتساقط من جميع انحاء جسمى وتتجمع وكأنها على موعد لتكوين بحيرة اسبح بها ، ام هو ذلك الحلم المزعج الذى يراودنى ليله بعد ليلة الطلبة يتدافعون صائحين تزوير تزوير نريد حريتنا نريد انتخابات نزيهة ، الناظر ينظر الى غاضبا وقد يكون لاعنا ، الانتخابات تجرى رغم عنى (الروشين ) من طلبة الفصل يفوزون ويحولونه الى عزبة لهم لا لن اسمح بهذا انتفض من سريرى ، او قد يكون السبب تلك الظروف التى تجعلنى مجرد منقادا بلا اية خيارات.
لا يهم الان اتجه الى الحمام الضيق برائحته التى تدل على ندرة نظافته والاعتناء به ، اغسل وجهى بماء الصنبور الضعيف ، افتح نافذة غرفتى طلبا لنسمة هواء الفجر ، المس ذقنى انها طويلة لكن لا داعى للحلاقة فاليوم الاربعاء وموعد خطيبتى يوم الجمعة يستحسن تاجيلها الى صباح الجمعة ، انه الاربعاء القميص الكحلى والبنطلون الكحلى والجاكت الاسود والحذاء الاسود، لن انسى اليوم اخراج ربع الجنيه ثمن (شقة الفول) وكذلك منديلى القماشى حتى لا اضطر الى وضع يدى فى جيبى مما يزيت بنطالى.
اغلق باب شقتى اضع القفل باحكام، فشقتى هى الكنز الذى تركه ابى لى لولاها لكنت الان بلا مأوى ، غرفتين وصالة استغرق الحفاظ عليهم من ابى حياته كلها ، لا يمكننى السماح للطلبة باجراء الانتخابات واختيار من يحلوا لهم ، لن اسمح بانتشار الفوضى ابدا ، لن اتركهم يفعلون ما يروق لهم ، ايهاب سيقبل هدى بلا شك ، اما اشرف فلن يتخطى عتبة الفصل ، عبير ستفتح ازار قميصها لتعبر عن مكنون طالما حاولت التعبير عنه بشتى الطرق ، لن اسمح بهذا ابدا ، تزداد خطواتى كلما اقتربت من عربة الفول .
(شقة) الفول بالزيت الحار اليومية يا عم على واكثر من السلطة ، ستة سنوات او تزيد قليلا وانا اتناول نفس الطلب صيفا شتاء ، اكثر من الف رغيف على مدار تلك الفترة ، تعجبنى قدرتى على الحساب ، لكن من المفترض ان اكون شريكا الان مع عم على ، اخيرا باب المدرسة مع اخر جزء من فطورى ، وقبل ان يرن الجرس بلحظات ، اندفع صائحا مستغل عدم تواجد الناظر ثالثة رابع الى الفصل بسرعة لن يدخل احد بعدى .
يوم دراسى طويل وشاق مجهود لا بأس به ، اخرج من باب المدرسة مسرعا الى الخضرى ، خمس حبات من الكوسة تكفى تماما لغدائى ليومين مع الارز ولا مانع من نصف كيلو من الخيار، ستة سنوات وانا مرتبط بجميلة ، جمعت عشرة الاف جنيه بخلاف ثمن الشبكة ، بينما المطلوب اقل من ذلك بكثير لاتمام الزواج ، جميع اصدقائى فى المدرسة يحسدونى على موقفى ، ولعل حسدهم قد اصابنى فعلا ، فمرض والدتى افنى الجزء الاكبر من مدخراتى ، وجعلنى مضطر الى السعى الى انهاء ما انهيته مسبقا ، واضطربت علاقتى بجميلة فقد كاد يكون الفراق نهاية لعلاقتنا ، لو ان امى كان لها راى اخرى وقررت ان تفارق هى حياتنا ، مخلفة جميلة وحدها كوريثة للشقة كلها ، مما ارضى جميلة كثيرا وجعلها اكثر هدوء ورقة واستعداد للانظار مادام النهاية شقة لنا بمفردنا وبلا شريكة تكبرها باربعين عاما ، لعل المثل القائل مصائب قوم عند قوم فوائد.
اخيرا وصلت الى بيتى ، الحر والرطوبة يكادا يمنعان نفسى من الخروج ، لكن لا وقت لابد من الاسراع لاعداد الغذاء ، لن يجبرنى التمرد ونظرات الطلبة على اجراء الانتخابات فهى تاتى بالاسوء دائما ، لن يستطيع هؤلاء الطلبة اختيار الاحسن ، هم مجرد مراهقون ، سيختارون الاولاد الروشون والبنات المائعات، لن يحدث هذا فى فصل انا رائده ، اخيرا انتهى الغداء والعشاء فهىوجبة واحدة تشمل الطقتين ، اعشق اعداد المائدة حتى وان كانت تحتوى على طبقين فقط ، اسكب الكوسة على الارز واقلبهم وابدأ فى تناول وجبتى الاخيرة.
حلم يطاردنى وواقع اكرهه ومستقبل اطارده ، هذا انا بكل بساطة ، طلبة يطالبون بحريتهم منى بينما ان لا اجد حريتى ، لا لن اسمحى بالحرية ولن طالب بها ، لعلى لا استطيع المطالبة بها او حتى معرفة من يمكننى مطالبته بها ، فبالتالى يبقى الوضع كما هو عليه كما يقرر النائب العام دائما .
انهى طعامى اتجه الى سريرى بصحبة جريدة البارحة التى احصل عليها من فراش المدرسة ، والذى بدوره يحصل عليها من مخلفات مكتب رئيس المنطقة التعليمية بمبنها المجاور للمدرسة ، النوم يداعبنى ، اتركه يفعل ما يحلو له .
افتح عيناى فجأة الظلام يسيطر على المكان يساعده فى ذلك الهدوء ، اؤمن ان هناك كثير من الاسباب تجعلنى استيقظ مبكرا ، لكن سيمر يومى دون ان ينتفى سبب واحد منهم .