الاثنين، 19 أكتوبر 2009

الحـــــــــــــــــــلم (قصة قصيرة)


افتح عيناى فجأة الظلام مسيطر على المكان يساعده فى ذلك الهدوء ، لا ادرى سببا واحدا لاستيقاظى مبكرا قبل حتى ارسال الشمس لاول سفرائها الى الارض معلنا بدء يوم جديد ، لعلها قطرات العرق التى تتساقط من جميع انحاء جسمى وتتجمع وكأنها على موعد لتكوين بحيرة اسبح بها ، ام هو ذلك الحلم المزعج الذى يراودنى ليله بعد ليلة الطلبة يتدافعون صائحين تزوير تزوير نريد حريتنا نريد انتخابات نزيهة ، الناظر ينظر الى غاضبا وقد يكون لاعنا ، الانتخابات تجرى رغم عنى (الروشين ) من طلبة الفصل يفوزون ويحولونه الى عزبة لهم لا لن اسمح بهذا انتفض من سريرى ، او قد يكون السبب تلك الظروف التى تجعلنى مجرد منقادا بلا اية خيارات.




لا يهم الان اتجه الى الحمام الضيق برائحته التى تدل على ندرة نظافته والاعتناء به ، اغسل وجهى بماء الصنبور الضعيف ، افتح نافذة غرفتى طلبا لنسمة هواء الفجر ، المس ذقنى انها طويلة لكن لا داعى للحلاقة فاليوم الاربعاء وموعد خطيبتى يوم الجمعة يستحسن تاجيلها الى صباح الجمعة ، انه الاربعاء القميص الكحلى والبنطلون الكحلى والجاكت الاسود والحذاء الاسود، لن انسى اليوم اخراج ربع الجنيه ثمن (شقة الفول) وكذلك منديلى القماشى حتى لا اضطر الى وضع يدى فى جيبى مما يزيت بنطالى.




اغلق باب شقتى اضع القفل باحكام، فشقتى هى الكنز الذى تركه ابى لى لولاها لكنت الان بلا مأوى ، غرفتين وصالة استغرق الحفاظ عليهم من ابى حياته كلها ، لا يمكننى السماح للطلبة باجراء الانتخابات واختيار من يحلوا لهم ، لن اسمح بانتشار الفوضى ابدا ، لن اتركهم يفعلون ما يروق لهم ، ايهاب سيقبل هدى بلا شك ، اما اشرف فلن يتخطى عتبة الفصل ، عبير ستفتح ازار قميصها لتعبر عن مكنون طالما حاولت التعبير عنه بشتى الطرق ، لن اسمح بهذا ابدا ، تزداد خطواتى كلما اقتربت من عربة الفول .




(شقة) الفول بالزيت الحار اليومية يا عم على واكثر من السلطة ، ستة سنوات او تزيد قليلا وانا اتناول نفس الطلب صيفا شتاء ، اكثر من الف رغيف على مدار تلك الفترة ، تعجبنى قدرتى على الحساب ، لكن من المفترض ان اكون شريكا الان مع عم على ، اخيرا باب المدرسة مع اخر جزء من فطورى ، وقبل ان يرن الجرس بلحظات ، اندفع صائحا مستغل عدم تواجد الناظر ثالثة رابع الى الفصل بسرعة لن يدخل احد بعدى .




يوم دراسى طويل وشاق مجهود لا بأس به ، اخرج من باب المدرسة مسرعا الى الخضرى ، خمس حبات من الكوسة تكفى تماما لغدائى ليومين مع الارز ولا مانع من نصف كيلو من الخيار، ستة سنوات وانا مرتبط بجميلة ، جمعت عشرة الاف جنيه بخلاف ثمن الشبكة ، بينما المطلوب اقل من ذلك بكثير لاتمام الزواج ، جميع اصدقائى فى المدرسة يحسدونى على موقفى ، ولعل حسدهم قد اصابنى فعلا ، فمرض والدتى افنى الجزء الاكبر من مدخراتى ، وجعلنى مضطر الى السعى الى انهاء ما انهيته مسبقا ، واضطربت علاقتى بجميلة فقد كاد يكون الفراق نهاية لعلاقتنا ، لو ان امى كان لها راى اخرى وقررت ان تفارق هى حياتنا ، مخلفة جميلة وحدها كوريثة للشقة كلها ، مما ارضى جميلة كثيرا وجعلها اكثر هدوء ورقة واستعداد للانظار مادام النهاية شقة لنا بمفردنا وبلا شريكة تكبرها باربعين عاما ، لعل المثل القائل مصائب قوم عند قوم فوائد.



اخيرا وصلت الى بيتى ، الحر والرطوبة يكادا يمنعان نفسى من الخروج ، لكن لا وقت لابد من الاسراع لاعداد الغذاء ، لن يجبرنى التمرد ونظرات الطلبة على اجراء الانتخابات فهى تاتى بالاسوء دائما ، لن يستطيع هؤلاء الطلبة اختيار الاحسن ، هم مجرد مراهقون ، سيختارون الاولاد الروشون والبنات المائعات، لن يحدث هذا فى فصل انا رائده ، اخيرا انتهى الغداء والعشاء فهىوجبة واحدة تشمل الطقتين ، اعشق اعداد المائدة حتى وان كانت تحتوى على طبقين فقط ، اسكب الكوسة على الارز واقلبهم وابدأ فى تناول وجبتى الاخيرة.



حلم يطاردنى وواقع اكرهه ومستقبل اطارده ، هذا انا بكل بساطة ، طلبة يطالبون بحريتهم منى بينما ان لا اجد حريتى ، لا لن اسمحى بالحرية ولن طالب بها ، لعلى لا استطيع المطالبة بها او حتى معرفة من يمكننى مطالبته بها ، فبالتالى يبقى الوضع كما هو عليه كما يقرر النائب العام دائما .



انهى طعامى اتجه الى سريرى بصحبة جريدة البارحة التى احصل عليها من فراش المدرسة ، والذى بدوره يحصل عليها من مخلفات مكتب رئيس المنطقة التعليمية بمبنها المجاور للمدرسة ، النوم يداعبنى ، اتركه يفعل ما يحلو له .



افتح عيناى فجأة الظلام يسيطر على المكان يساعده فى ذلك الهدوء ، اؤمن ان هناك كثير من الاسباب تجعلنى استيقظ مبكرا ، لكن سيمر يومى دون ان ينتفى سبب واحد منهم .


الخميس، 15 أكتوبر 2009

رســــــــــــــــــالة فى زجــــــاجة ..........


حبيبتى لعلك تعجبين من هذه الرسالة ، وتتسائلين لماذا ارسلها اليك الان؟ ، مع اننا نتقابل كثير ويمكن بكل بساطة ان اخبرك بكل ما اريد كما جرى الحال دائما ، لكن الحقيقة انا الان على الشاطئ بين اشجار مورقة، تهب من حولى نسمة رقيقة، كل شئ جميل حولى الا انى افتقدك بشدة ، الامواج تتغنى بحبنا بينما الاشجار تتراقص على انغام النسيم كم اود ان تكونى معى لذا قررت ان اكتب اليك ، املا ان تصل اليكى كلماتى عبر الانهار والبحار


احبك بكل مشاعرى ، تملكنى حبك منذ ان وقعت عيناى عليكى ، منذ ان شاهدت عيناكى ، اكيد انت الان تبتسمين فطالما قلت لكى هذا ، اعرف انها كلمات مكررة لكنى سعيد جدا لتكرارها الان وساسعد لتكرارها مرات ومرات ، تعم حبك اسعدنى جدا لدرجة انى اشعر انى الاسعد على وجه الارض ، الجميع حولى يحاولون جاهدين الحصول على نصف ما حصلت عليه ، اسخر منهم فلا احد سيصل الى ماوصلت اليه من سعادة بسبب قلبك الدافئ ، رسالتى قد تصلك بعد سنوات ولكنها حتما ستصلك فهى لكى .


حبيبتى اعشق لمسة يديك فهى تنقل حنانك الى ، اما يداى فتسعى للمسة خدودك الانعم من خدود الورد ، اتوق دائما لصوتك العذب وكلماتك التى تملا كونى فرحة وبهجة ، لا انسى ابدا نظراتك التى تاخذنى بعيدا فى عالم لا يشاركنا فيه احد، اريد دائما وابدا ان ارمى نفسى فى حضنك الدفئ ، الحضن الذى اعتبره اكبر مكافئة لى فى حياتى


اتعرفين يا حبيبتى كم اشعر بالوحدة وانت بعيدة عنى ، بمجرد ان تبتعدى لا تمر لحظات حتى يهاجمنى هذا الاحساس ، برودة تجتاح حياتى، اكمن محتميا من غربتى بامل عودتك ، بمجرد ان نتقابل اشعر ان الربيع قد جاء تزهر الورود من حولى وتشرق شمس تلقائيتك ، كلماتك وحكايتك تبعث الحياة فى اوصالى وتشعرنى اننا اصبحنا عائلة واحدة ، نعم انت الان اهلى وعشيرتى التى لا استطيع ابدا البعد عنها .


هاهى الشمس تغرب ببطئ ، ما اجمل المنظر وتلك الاشعة البرتقالية تنعكس على صفحة الماء ، كم اود ان احتضنك الان وننظر الى تلك الشمس، ونعدها اننا سنقابلها دائما معا ونودعها كما نودعها الان .


هل اطلت عليكى ؟ اعلم انى اطلت عليكى وان كلامى ايضا مكرر لكنى لم استطع الا ان اشاركك تلك اللحظة الرائعة كما تعودت ان اشاركك كل لحظاتى.


ليس امامى الان الا تطبيق الرسالة ووضعها فى زجاجة والقائها ، متمنيا ان تصلك فى اقرب وقت ، وان تقرئى كل كلمة فيها.

السبت، 10 أكتوبر 2009

مرارة الهزيمة وحلاوة النصر ( قطعنا لسان جولدا )

(ولم يكن يخامرنى شك فى ان هذه القوات المسلحة كانت من ضحايا نكسة 1967 ولم تكن ابدا من اسبابها ، عاهدت الله وعاهدتكم على ان نثبت للعالم ان نكسة 1967 كانت استثناء فى تاريخيا وليست قاعدة وقد كنت فى هذا اصدر عن ايمان بالتاريخ يستوعب سبعة الاف سنة من الحضارة) الرئيس الراحل انور السادات


سيظل الاسرائليون لسنوات طويلة قادمة يحاولون بشتى الطرق الهاء المصريين عن بطولات حرب الاستنزاف ونحن نساعدهم للاسف بتكاسلنا الرهيب عن محاولة جمع الاحداث البطولية لتلك الحرب او حتى معرفتها لنرويها جيل بعد جيل ، واعتقد ان مهمة الاسرائليين اصبحت اسهل بعد مرور كل تلك السنوات وموت الابطال الذين قاموا بتلك البطولات ، لكن الحمد لله وجود الانترنت الان سهل كثير من مهمة البحث والجمع لتلك البطولات .


اكد جميع الخبراء ان حرب الاستنزاف كانت عنصر النجاح الاول فى العبور ، ناهيك عن الخسائر المادية الفادحة والتى يتحملها دافع الضرائب الامريكى والاروبى فقد حطمت تلك الحرب الروح المعنوية للجندى الاسرائيلى وساهمت فى انفصاله معنوية عن قيادته العسكرية والسياسية


واذا كنا نحتفل سنويا يوم السادس من اكتوبر بالعبور الاكبر، فقد اهملنا الاحتفال او حتى تذكر يوم العبور الاصغر وهو يوم العاشر من يوليو عام 1969 ، لذا ارجو ان تتيحوا لى الفرصة لتذكيركم بتلك الملحمة ، وقد اكتملت فصولها فى السادس من اكتوبر 1973.


بالرغم من كل المواجهات مع العدو على طول الجبهة وايضا فى العمق ظلت تلك المواجهات محدودة من حيث اعداد الجنود العابرة والمعدات حتى وان كان تاثيرها المعنوى موجع فقد ظلت ذات تاثير عسكرى محدود او قصير الاجل حتى اتت الفرصة فى العاشر من يوليو لقلب تلك الحقيقة واضافة لمسة جديدة على الصورة لتقضى تماما على معنويات العدو .


بور توفيق مدينة ساحلية غرب القناة تعتبر امتداد لمدينة السويس ويقابلها على الضفة الشرقية للقناة لسان يشرف على القناة وعلى مدينة السويس والادبية ، وقام العدو بتحصين اخر نقطة على اللسان بمجموعة من المدافع المجنزرة والدبابات ونقاط الاستطلاع والدشم الحصينة ، وقاموا بضرب تنكات البترول وباعثات الضوء مما تسبب فى خسائر فادحة للقوات المصرية والاقتصاد المصرى وبصبر بالغ انتظر المصريون حتى قاموا بالملحمة الصغرى


قام المرشحون للعملية بالتدريب على مهاجمة نقطة مماثلة ولكن لا تطل على الماء انما فى فلب الصحراء فى جبل عتاقة ويعتبر التدريب اصعب بكثير فى تلك المنطقة ، كما استغرق التلقين فترة طويلة وتحركت القوات فى يوم العاشر من يوليو صباحا مجموعات صغيرة للاختباء فى منازل ومستشفيات ومدارس داخل بور توفيق وظلت المحموعة كامنة بلا اى حراك حتى اتت ساعة الصفر وقامت المدفعية بعمل غطاء مكثف من نيران المدفعية الثقيلة فى حين تحركت القوات الى خنادق مجهزة على شط القناة وهى تحمل الاسلحة والمعدات الى جانب قوارب العبور وعند انتهاء توقيت الغطاء المدفعى كانت القوارب على وشك الوصول الى الضفة الشرقية وبقاذفات الار بى جي تم تدمير الاسلاك الشائكة والالغام وتمهيد طريق للقوات حتى الوصول الى النقاط الحصينة والاشتباك مع العدو الذى فوجئ تماما بما حدث ، الذهول كما تؤكد الروايات منع العدو من مجرد المقاومة وانتهت النقطة فى عدة ساعات وقامت القوات المصرية بأنزل علم العدو ورفع العلم المصرى وتصويره كما تم رفع علم على صهريج المياه لم يستطع العدو انزاله الا بتدمير الصهريج نفسه وعرضت الصور للعلم المصرى على الضفة الشرقية فى الجرائد المصرية وعلى التلفاز ، وبدأ انسحاب القوات مرة اخرى تحت غطاء المدفعية مرة اخرى ، وحاول طيران العدو النيل منهم دون جدوى .


اما ما حدث فى تل ابيب فكان رد فعل عنيف جدا ، الصحف الاسرائلية اكدت ان المصريين عبروا بقوة تزيد عن الاف جندى للتمكن من تدمير تلك النقطة وخرجت جولدا مائير بتصريح يعبر عن الحالة السيئة التى كانت عليها الحكومة هناك عندما قالت لقد قطع المصريون لسانى .



وظل تلك النقطة الهامة جدا عسكريا بلا اى فائدة تذكر حتى تم الاتفاق على وقف اطلاق النار، وفى تلك الفترة قام العدو باعادة بناء وتحصين تلك النقطة من جديد ولك بصورة اقوى من الاول ، وتمر الايام وياتى العبور الاكبر وتقوم قواتنا المسلحة بعمل بطولى اكبر واشمل فتعبر القناة بطول امتدادها ومن ضمنها تلك النقطة وتحاصرها قواتنا لعدة ايام قبل ان تستسلم القوات الاسرائيلية بقيادة الضابط شالومو اردنست المسكين لنا ويصر قائد القوات المصرية وهو الضابط زغلول فتحى على ان يكون التسليم بالعلم الاسرائيلى وهى حادئة لم تحدث من قبل ولم تتكرر بعد ذلك امعانا فى تحطيم معناويات اعدائنا الاحباء ويالها من لحظات اثلجت صدور المصريين وردت لهم كرامتهم ، ولكى نرى تلك اللحظات فى الفيديو استمر كفاح قواتنا ستة اعوام كاملة كسروا فيها حواجز كثيرة بل وصدرو الكثير من الرعب الى العدو ويظهر ذلك على اوجه الجنود المساكين الذين لعنوا يوم كيبور بما جلبه عليهم من موت محقق