الخميس، 17 فبراير 2011

ثورة مصر الاسباب २- عائلة مبارك


كيف تحول الرئيس السابق من رئيس واعد الى رئيس سئ تمنى الجميع الخلاص من حكمه باى طريقة كانت ؟ اجابة هذا السؤال ستحدد السبب الثانى من اسباب الثورة

مبارك رجل عسكرى انتمى الى مدرسة العسكر التى استولت على الحكم فى مصر وسيطرت عليه من الخمسينات والتواجد فى المؤسسة العسكرية كان جواز المرور لتبؤ مكانه جيدة فى منظومة الحكم فى مصر فالوزراء والمحافظين ورؤساء مجلس ادارة المؤسسات الكبرى كلهم عسكريين بل نجد ان السادات نفسه تولى رئاسة مؤسسة صحفية ولعبت النكسة دور مهم فى تسارع خطى بزوغ نجم مبارك فتولى بعدها المناصب القيادية فى سلاح الطيران وهو من الاسلحة الهامة جدا وبعد انتهاء حرب اكتوبر كان مبارك من المقربين للسادات ولا عجب فى ذلك فكل الاراء لاصدقاء مبارك العسكريين تتحدث عن شخصية مطيعة جدا للاوامر متزنة فى انفعالاتها تقدس الحياة العسكرية ، وكان من المنطقى ان يختار السادات رجل من المدرسة العسكرية لخلافته يتسم بالصفات السابقة بحيث لا يكن مناوئ له او بديل جاهز بل تابع مخلص قادر على التنفيذ والدعم على ان يتلقى جائزته لاحقا بتولى حكم البلاد ، وبالرغم من الاختلاف البين بين الشخصيتين فقط حرص مبارك على لعب دوره بصورة جيدة جدا جعلت السادات يسترضيه عندما قرر مبارك الاستقالة من منصبه اعتراضا على تقليص صلاحياته لصالح احدى الوزراء المدنيين

وفور انتهاء احداث المنصة وتولى مبارك الحكم تغيرت شخصية مبارك تماما واصبح يلعب دور الرجل الاول ولا ننسى خطاباته الاولى التى قال فيها انه ضد الفساد ويرفض تولى الحكم اكثر من فترتين وان مصر مكانتها بين اشقائها العرب ، كما ان التنمية هى السلاح الوحيد للخروج من ازمات مصر ، لكن للاسف الشديد لم يكن ذلك الرئيس الواعد الذى حلم الناس ان مصر ستتحول للحكم المدنى الديموقراطى على يديه هو ذلك الرئيس الذى قرر الاستمرار فى سدة الحكم بعد عامه الثانى عشر مبررا ذلك بتكملة مسيرة التنمية التى اعتقد فى رائى الشخصى انها تباطئت جدا بعدها حتى توقفت فى نهاية ولايته الثالثة لتبدء مرحلة الانهيار التام بعدها مع بدايه حكومة اكثر رؤساء الوزارة فى مصر مغالطة ونصب وهو عاطف عبيد

مبارك شخصية عنيدة كما يصفه المقربين منه ويتجلى ذلك فى اقصائه لعلى لطفى لاصراره على التحول الى السياسة الراسمالية القائمة على انهاء الدعم والتوجه الى فكر السوق الحرة وهو ما كان يرفضه مبارك لايمانه بقدرة الدولة على السيطرة عن طريق التحكم فى مقدرات الحياة الاقتصادية اليومية للمواطن ، كما تجلى فى استبعاده للجنزورى لاختلاف حول اسراع البرنامج الاقتصادى المصرى ، كما وضح جدا فى مواقف كثيرة خارجية ومما زاد من تفشى تلك الصفة السيئة هو دعم الحاشية التى بدأت فى اللعب على تلك الصفة لدعم موقفها فى المؤسسة الاعلى فى مصر

كما ان الفوبيا التى سببها موت السادات وازدياد المد الارهابى فى مصر جعل الجزء الامنى من تفكير مبارك يطغى على الجزء السياسى وبالتالى تدخل الامن فى كل الاحداث المحيطة بالحكومة المصرية بصورة استفحلت فى اخر عشرة سنوات لدرجة جعلت الداخلية كلها فى خدمة حماية النظام ، وهذا الجزء ارجع مصر الى عهد زوار الليل التى خطط له ونفذه صلاح نصر فى عهد عبد الناصر، وجعل التعامل مع كثير من القوى السياسية فى مصر من خلال الداخلية مما ضيق مساحة التحرك للمعارضين السياسيين الحقيقيين ، مع العلم ان الدول التى تلجأ للحلول الامنية تقدم دائما مجموعة من الحلول الاجتماعية التى تدفع الفئة الغير مهتمة بالسياسة للدفاع عن النظام ولكن فشل الحكومات المتعاقبة فى توفير هذه الميزة دمر بكل بساطة ما بسموه بالحل المزدوج الامنى الاجتماعى

نرجع للخلفية العسكرية لمبارك والتى اثرت تماما على مفهومه للديموقراطية مما جعل طرحه للديموقراطية طرح ناقص حتى وان حاولت المنظومة كلها تجميله فطرح الديموقراطية والذى سمى بديموقراطية النباح او الهوهوة بالبلدى بمعنى قل ما تريد ودعنى افعل ما اريد فالاحزاب والجماعات السياسية مكبلة بنظام امنى اما الذين لهم القدرة على الكلام او النباح فهم برامج التوك شو مثلا والصحفيين المعارضيين للحكومة كلها وكل ما هو حزب وطنى ما عدا سيادة الرئيس

تداخل اسرة مبارك بصورة كبيرة فى منظومة المؤسسة الرئاسية سهل من مهمة الحاشية فى اللعب على اكثر من حبل للوصول الى اماكن اعلى وضمان البقاء فى دائرة الحكم ، واكبر مثال على ذلك فاروق حسنى وانس الفقى فاقترابهم من سوزان مبارك جعلهم بالرغم من انعدام كفائتهم من صناع القرار فى الفترة الاخيرة ، كما ان محاولات زوجة الرئيس الظهور بمظهر الداعمة الاجتماعية للنظام عن طريق حل مشاكل المرأة ودفع مشروع القراة للجميع للظهور ( مع ايمانى الشديد بان هذا المشروع نجح نجاح كبير ) فان تزايد نفوذ الزوجة جعل هناك بطانة مخصوصة تخدمها ومع الوقت اصبحت حريصة على وجود هذه البطانة فى الوزارة والاماكن الحيوية التى تخدم برامجها

اخيرا موضوع التوريث وما صاحبة من اهتزاز للمؤسسة الحاكمة بصور كبيرة جعلت الوزارة والحزب فى خدمة هذا الدافع البغيض ، كما ان الصراع العنيف على السلطة والنفوذ بين التيار الجديد الذى جلبه جمال مبارك وبين التيار القديم من رجال مبارك الاب جعل حتى الحكومة نفسها فى مأزق محاولة ارضاء الطرفين

من الاسباب الاخرى لتحول مبارك ابنيه علاء وجمال فالاول الاكبر ظل لسنوات طويلة مستغلا لنفوذ والده وسلطاته فى التأثير على رجال الاعمال مما سبب نوع من الخوف المكتوم من مشاركته لاى رجل اعمال ناجح ، الا ان اعمال علاء مهما كانت لا تمثل اى شئ بالنسبة للطفل المدلل لامه وابيه جمال مبارك ، ومشكلة جمال انه تشبس بفكرة التوريث بصورة سيطرت على تفكيره تماما بالرغم انه يفتقد الى الكثير من مؤهلات الحكم وهذا دفعه الى محاولة التخلص من المنافسين على المنصب بصورة وقتية بدلا من الانتظار للقضاء عليهم خلال المراحل الانتخابية ، كما ان انبهار جمال بشخصية احمد عز اخفى تماما الصور السيئة لرجل الاعمال المستغل للموقف

الثلاثاء، 15 فبراير 2011

ثورة مصر الاسباب 1- موروثات النظام


مولد جديد لشعبنا المصرى ، ثورة ارجعت لنا جزء من ماضى كاد يصبح مجرد ماضى بلا اى تاثير على حاضر او حتى توجيه لمستقبل ، على ايه حال تكلم الكثير وحلل الجميع سياسين وغيرهم ابعاد كل ملحمة الثورة ، مما يصعب جدا من مهمة اى انسان عادى مثلى ان يضيف اى جديد لكن بما اننا فى عصر جديد يجب على الجميع فيه الادلاء برأيه والمشاركة فى صنع المستقبل الجديد لذافقد رايت ان ادون رائيى المتواضع فى كل ماحدث وان احاول جاهد المساعدة فى ما سيحدث

البداية تبدأ من النظام فبطبيعة الحال الثورة اكيد نتيجة اخطأ فادحة والاخطاء لها سببين فى رائى الشخصى السبب الاول هو الموروث الفكرى للنظام والثانى اضافته هو نفسه لهذا الموروث ولنبدأ بالموروث الفكرى للنظام

النظام السابق ورث مجموعة فكرية اعتبرها مسلمات غير قابلة للتغيير للاسف هذه الموروثات تركة كبيرة ثقيلة بدأت تتكون بعد انقلاب 1952 الذى بدأها بان الشعب لابد ان يلتف حول قيادته التفاف كامل فكرى وعاطفى فالقيادة البصيرة الحكيمة الراعية للوطن الساهرة على حمايته ورعايته وانمائه وكل ما تنتقى من كلمات اما المختلف مع القيادة فهو بطبيعة الحال معطل لكل هذا ثم تطور الامر من معطل لحاقد ومفسد ثم متامر فخائن

الموروث الثانى اهل الثقة حماة الوطن ، برغم ان هذا الموروث كان له ظروفه بعد انقلاب 1952 نظرا لان القائمين عليه كان سلاحهم الاكبر هو ثقتهم فى بعضهم البعض ،كما ان اهل الخبرة كانوا فى ذلك الوقت من اعداء الثورة الوليدة طبقا لرأى صناعها الا انه استمر وتوغل بطريقة سرطانية حتى انك قلما ما تجد مسئول فى منصب يستحقه بالفعل

الموروث الثالث وقد نضج هذا الموروث فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر وهو one man show بمعنى ان الرجل الكبير هو الملهم والمفكر والزعيم ثم زاد عليه الرئيس السادات الاب والقائد والكبير

الموروث الرابع وهو موروث غريب جدا لانه عكس ما يحدث فى الطبيعة فالنجاح له اب واحد فقط اما الفشل فله مجموعة من الاباء ليس من بينهم ابدا الاب الاوحد للنجاح وبالتالى فى حالات الاخفاقات والنكسات يتم التضحية بمجموعة من الاباء الصغار بواسطة الاب الكبير مع ان المسئولية الاولى دائما تقع على عاتق الرجل الاول

الموروث الخامس وهو من اخطر الموروثات التماسك الداخلى لدرء الاخطار الخارجية او بمعنى اكثر وضوح نسيان المشاكل الداخلية من اجل حل المشاكل الخارجية والغريب ان المشاكل الخارجية لم تحل ابدا مع العلم ان النظام لابد ان يحل كل من المشاكل الداخلية والخارجية متوازيين بقدر الاستطاعة

الموروث السادس ان الحكومة هى ام الشعب فهى المسئولة عن تعليمه وتشغيله واعاشته وبالتالى فهى المانحة والمانعة وهذا الموروث تكمن خطورته فى انه مؤثر جدا على طبيعة العلاقة مع الشعب فقد تحولت الحكومة من موظفين لدى الشعب مهمتهم تيسير اعماله اصبحت الحكومة بالمعنى البلدى هى ام الشعب وبالتالى يجب احترامها وشكرها على كل ما تعطيه

الموروث السابع النظام البرلمانى والذى اصبح ليس ذوفائدة او حاجة فاسباب تواجده الرئيسية وهى التشريع والمراقبة اصبحت من مهام الحكومة الام وبالتالى تحول البرلمانى لمجرد خادم ومقضى حاجات لاهل دائرته بدلا من ان يكون مشرع ومراقب وزاد الطين بلة شرط ان يكون نصف البرلمان من العمال والفلاحين وهذا قضى تماما على معنى البرلمان مع الوقت وبعد ان كانت مصر من اولى الدول التى اسست الحياة البرلمانية التشريعية اصبح البرلمان ساحة لقضاء الخدمات وتمرير المصالح فى البداية لمجرد خدمة الدائرة ثم اصبح بزنيس

الموروث الثامن وهو كيفية التقييم للمسئول فدائما المسئول عمل كذا وكذا ويتم تجاهل ما هو البرنامج او الرؤية المستقبلية للمسئول والتى سيتم محاسبته عليها وبالتالى اصبحت اولى خطوات الثقة للنظام الجديد هى كشف عورات النظام السابق

الموروث التاسع التعامل الامنى هو الحل الامثل لكل معارضة غير مروضة وهو ما نما واستفحل ابتداء من حادث المنشية وحتى حادث المنصة مقتل السادات

الموروث العاشر الدعم الاعلامى المطلق للنظام من صحافة واعلام مرئى ومسموع لدرجة جعلت مفهوم الاعلام لدى كل من الحكومة والشعب هو بكل بساطة اخبار الحكومة وتحليل قرارتها بصورة واحدة فقط

كل هذه الموروثات جعلت من مصر دولة غريبة جدا من الاخر بالبلدى متعرفلهاش خط سياسى واضح او حتى اقتصادى هل هى دولة شيوعية ام دولة راسمالية ام اشتراكية

واعتقد ان تلك الموروثات كانت اول الطريق لثورة 25 يناير والتى انهت عصر انقلاب يوليو بعد 59 عاما من الحكم تعاقب عليها اثنان من مجلس قيادته واخر تلميذ نفس المدرسة لان تلك الموروثات المسلم بها اغرقت الانظمة فى حالة من الترهل وبطئ التفكير، بل واعتبارها اداوت حل اى مشكلة تواجه النظام مع الشعب وهذا ما حدث فى احدات حادث المنشية و النكسة، 18 و19 يناير وازمة 81 ، وايضا احداث ثورة 26 يناير بنفس الطريقة مع اعتماد على مرورث اكثر من الاخر على حسب ظروف الحدث