صديقى العزيز مرحبا بك مرة اخرى، للكتب عندى اهمية مطلقة اعشق القراءة عشقى للجمال طبعا سوف تمط شفتيك وتتمتم ما علاقتى بالموضوع (بالعامية حتقول طب وانا مال اهلى ومال عشقك للقراءة ) الا انى ساستمر فى تجاهل تبرمك وساكمل ما عزمت على كتابته (وانا بطلع لسانى ليك ) والقراءة ليست قراءة كتب فقط بل هى قراءة احداث ومواقف وشخصيات وهذ ما جذبنى لنهى ، وقبل ان تسرح بعيد وتبدى محاولات مضنية لتخيل شكل نهى الجذاب (كل يتخيلها بما يحلم به ) اؤكد لك انك فهمت خطأ وان الموضوع لا علاقة له من قريب او بعيد بما تحاول ان تتخيله الان فما جذبنى فى نهى هو ما جذبنى لعم ابراهيم الذى عمل بالنادى (ارجو منك مرة اخرى عدم الشطح بخيالك لان فى ذلك اهانة بالغة لشخصى المتواضع وقد تطولك الاهانة ايضا بصفتك صديقى ناهيك عن ظلم عم ابراهيم ذاته)
نهى فتاة تعمل فى مطعم كبير وعملها بسيط جدا هو الاعتناء بالاطفال حالما يهنئ زويهم بغدائهم او عشائهم او اى ئهم يتناولونه ، ويحتاجون فى ذلك الى التفرغ الكامل للطعام والتركيز بكافة الحواس لتذوقه ، وايضا ممارسة العادة البالية فى متابعة من حولهم وعقد مقارنات بسيطة سريعة عما ياكلون ويلبسون ويشربون واى نون يفعلون ، وزبائن المطعم من الطبقة المتوسطة العليا التى تستطيع دفع مبلغ يزيد قليلا وفى بعض الاوقات كثير عن مرتب موظف مبتدا محترم لا يمد يده بالسرقة او الشحاتة والاستنطاع المباركى والذى اصاب معظمنا فى عهد الرئيس المتخلى عن منصبه او متنحى او مخلوع
وما جذبنى فى نهى هو عملها الدؤوب على اسعاد الاطفال بابتسامة طيبة رقيقة ومحاولة ارضائهم بكافة الطرق وهى فى هذا لا تكل ولا تمل ولا تهدأ والاغرب انها تستعين بالاهل فى سؤالهم عن كيفية الارضاء والتعامل فهى تؤدى عملها بهدوء وباخلاص ندر فى ذلك العصر وقل فى تلك الطبقة التى حرمت من كل شئ واضطرت للنزل الى الشوارع فى سن مبركة للعمل ليل نهار لسد الجوع من المؤكدين (مهم كل اللى بياكلوا حرامية ولاد كلب يعنى جايبين فلوسهم منين) ولان الاعمال بالنيات فقد قررت ان اترك ما فى نية نهى لنهى محاولا فتح حديث معها لقراءة ما هو المختلف فى نهى عن معظم العاملين فى تلك الطبقة والمحتكين بالطبقات المتوسطة العليا والذين اعتقد انهم يواجهون نوعين من البشر نوعية حافظت على مستواها هذا من سنين طويلة فتربوا فى مدارس اجنبية وحافظت دخولهم الحالية او ما ورثوه على مستواهم الطبقى وهم دائما ما يتوقعون خدمة تليق بهم ، او صاعدين الى تلك الطبقات من الطبقات الادنى نتيجة الكفاح الشريف والذى قل فى العهد المباركى او كفاح غير شريف وما اكثره وهؤلاء يتمنظرون بمحاولة الحصول على خدمات اعلى والحرص على الوصول الى الاقصى فيما يطلبونه او خليط من النوعين لان الطبقات والمستويات لايوجد بها حدود فاصلة بل هى متموجة
ما علينا وما عليهم لكن الكل على المسكينة نهى والتى تتحمل كل تفاعلات هؤلاء وهؤلاء وتحاول جاهدة العمل على ارضائهم جميعا ، وللحصول على المعلومات من الاخت نهى والتى طالت ملاحظتى لها لعدة مرات قبل تلك الزيارة فقد حرصت فى كل مرة على نفحها مبلغ كبير وانا اسلمها اطفال العائلة جميعا ، وما زدته هذه المرة هو حصيلة كل ما اوتيت من قدرات لافهامها انى طالب معرفة ولست طالب ممتعة او مواعدة المهم لسبب ما تكلمت نهى معى بطلاقة بعد ان سالتها شغلنتكم دى صعبة اوى يا نهى دا الواحد بيبقى اعد مع طفل ولا اتنين وبيتعب من ملاحقتهم ترد نعم اهو بقى يا باشا مهو اكل العيش صعب اكدت لها انى لست باشا وان الظروف كانت من الممكن ان تدفعنى لاكون مكانها نظرت الى نهى ببلاهة ولسان حالها يقول هو انا ناقصة اشتغالاتك او تظن ان كلماتى مجرد ترضية او مواساة وهى تقول العفو يا باشا انتقلت بحديثى بسلاسة الى لب الموضوع سائلا طيب وانت بقى بتقبضى على كدة مبلغ كويس على التعب دا تنظر الى نهى ولسان حالها يقول مكنش العشم يا باشا شكلك باصص فى البقشيش لكنها تقرر الرد بالاجابة الدبلوماسية المعتادة رضا يا باشا اهو الحمد لله حد لاقى اليومين دول شغل اضغط سريعا لاخراج الاجابة المطلوبة سائلا يعنى بتاخدى كدة يجى تلتميت جنيه تضحك بعفوية يا ريت يا باشا دنا باخد تلتهم بالعافية والبت سهير اللى كانت معايا شغلوها قبلى كانو مشغلينها بالبقشيش بس دا حتى الكابتن ابراهيم ربنا يسامحه بقى كان باصصلنا فى البقشيش وكان عايزنا نسلمهوله وهو يدينا منه جزء يعنى يبفشش علينا ببقشيشنا لكن ربنا عالم بالحال ومشوه وجيه مكانه الكابتن محمود اللى سايبنا فى حالنا دا غير فضلة خير الناس هنا بقى اخر الليل بيوزعوا عالينا كلنا دا بقى يا باشا خير على بيتنا كله كلهم بيستنونى كل يوم علشان الاكلة دى والواد اخويا بيستلمنى على اول شارعنا علشان ياخد اول واحد ويجرى على السطح ياكله وحده
اسرح قليلا بينما نهى تلاحق احد الاطفال خرجت ثورة كاملة لتبحث عن الحد الادنى لاجور الموظفين ولكنها لم تفكر فى معدومى الدخل مثل نهى وسهير والذين يعيشون على فضلات طعام الاخرين جرحتنى كلمات نهى جدا شعرت اننا جميعا وبالذات انا كنت معرضا ان اكون فى ظروف تشبه كثيرا ظروف نهى او انى اكافح لالتحق بالطبقة المتوسطة العليا (والتى اطلق عليها الكاتب بلال فضل الناس اللى عدت فى كتابه سكان مصر الاصليين ) لهذا كان الجرح مؤلما لانه ايضا ذكرنى بأمل وزينب لان الفقر يا صديقى فيروس انتشر فى ربوع وطننا فحرمنا من الحد الادنى من الانسانية
ارجع لنهى مرة اخرى محاولا قراءة المزيد وسهير بقى فين ترد نهى مشوها يا باشا اتمسكت بتسرق سلسلة دهب من صدر بت صغيرة طردوها وام البت بهدلتنا وابوها كان حيضرب سهير مهى برضه غلطانة اومئ براسى صحيح تكمل نهى وهى ترفع شورط طفل يزن لركوب المرجيحة ومن يومها يا باشا ادونا ميت جنى فى الشهر دا غير فضلة خيرك بقى اصل فيه ناس بعيد عنك هنا لما بتيجى تاكل متاخذنيش يعنى يا باشا بتطلب كتير وترمى كتير ارد انا وقد حكمت القافية اه يا نهى مهو اللى معاه قرش ومحيره يجيب حمام ويطيره بس هنا بيجيبوا الحمام ويرموه تومئ نهى اه يا باشا بس انا والله مرتاحة يا باشا اهو انا حالى احسن من البت نسرين اللى يعنى لامؤخذة اعدة طول النهار فى حمام الحريم تضحك نهى بينما انا استعد لسؤالها طيب وانت منين يا نهى ترد نهى من عزبة محسن يا باشا حتة كدة من اللى بتسموها العشوائيات متعرفهاش يا باشا ارد بسرعة عارفها يا نهى اللى فى العوايد ترد نهى عليك نور يا باشا ايوة هى انا بصحى على تسعة افطر والبس واركب الاوتوبيس ابو نص جنيه اوصل المطعم واجهز نفسى وبروح على اتنين باليل ابويا كان رافض التاخير بس اكل العيش بقى حعمل ايه يعنى مهو مفيش شغل تانى قلت لها معلش يا نهى اكل العيش صعب واتعجب من رضا نهى الغريب عن حالها مع ان فيه الكثير من اهدار الانسانية بالذات من تعامل الامهات معها والذى ياتى معظمة سمج وفيه تجاهل لها او مرافبة وريبة من ان تسرق الولاد او اكل الولاد او حتى بامبرز الولاد واخيرا قد تسرق ابو الولاد انهى حديثى مع نهى بعد ان كثرت النظرات من الجميع مكتفيا بذلك الجزء اليسير من سيرة نهى عازما على ان ارجع فى المرات القادمة (اذا كان فيه قادمة اصلا لان العائلة الكريمة نعنتى بكثير من الصفات حينما طرحت موضوع نهى كموضوع مثير للجدل والنقاش على مائدة الطعام اقل هذه الصفات مدعى الفلسفة متسائلين عن دورى فى اصلاح الكون ) طلبت منى نهى ان اجد لها عمل يؤمن لها حياة افضل متذكرة انى قبل العيد الكبير الماضى تسببت فى سترتها ببلوزة جديدة ولهذا قلبها انفتحلى طمانتها انى ساحاول ان اجد لها عمل افضل فى مرتبه من الحالى
استعدت كلام نهى والتى تعمل فى اليوم ما يزيد عن اربعة عشر ساعة متواصلة وانظر حولى كثير من الشباب بل والمراهقين يعملون فى ارجاء المكان والغريب ان هؤلاء لا يبحثوا عن حقوقهم المشروعة فى التعليم والتنشئة المفروضة على المجتمع بل كل ما ينشدونه ان نتركهم وحالهم ولا نتسبب فى طردهم من المكان مكتفيين برقم هزيل لا ياتى نصف فاتورة اى من الجالسين الان حولى مع قليل من فضلات طعامه والتى اعتبرتها نهى وجبة عيد تلم شمل العائلة ولم تنكر سهر الجميع انتظارا لها او بالاحرى لما تحمله من كيس اختلط فيه الطعام واختلط طعمه بطعم مرارة الحوجة وجدتنى العن الحكومة وما وصلنا اليه فى هذا الوطن العن من اوصلنا الى هذا الحال العن من اوجد بيننا نهى وامل وزينب والعن صمتنا على وجودهم بيننا مكتفيين بمنحم الفتات اما شفقة او رحمة او محاولة تقرب الى الله او اخيرا درء لحسد او كره او حقد منهم علينا وعلى ذوينا
اخيرا صديقى اعرف انك محتار الان ما بين نعتى بالفقرى اللى غاوى يعكنن على عيلته وعليك انت كمان او الاهتمام بكلامى وبالحالة والحالات الاخرى المشابهة ،على ايه حال انا بدات احس انى اصبت بمرض تانيب الضمير على الفاضى والمليان وهو ما خلف جو من العكننة ، كلما دخلت اى مكان مع العائلة او الاصدقاء يركبنى عفريت الفلسفة (يشك البعض انه عفريت التنطيط على خلق الله بشوية الكتب اللى بقراها) وهذا قدرك يا صديقى العزيز ان يكون من بين اصدقائك واحد عنده فوبيا زى اللى انا مصاب بها
اخيرا صديقى اعرف انك محتار الان ما بين نعتى بالفقرى اللى غاوى يعكنن على عيلته وعليك انت كمان او الاهتمام بكلامى وبالحالة والحالات الاخرى المشابهة ،على ايه حال انا بدات احس انى اصبت بمرض تانيب الضمير على الفاضى والمليان وهو ما خلف جو من العكننة ، كلما دخلت اى مكان مع العائلة او الاصدقاء يركبنى عفريت الفلسفة (يشك البعض انه عفريت التنطيط على خلق الله بشوية الكتب اللى بقراها) وهذا قدرك يا صديقى العزيز ان يكون من بين اصدقائك واحد عنده فوبيا زى اللى انا مصاب بها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق