الثلاثاء، 14 يونيو 2011

لا قصة لأمل


لا اعرف ماذا يدفعنى الان للكتابة عن امل لعل شعورى بشئ ما اتجاه امل وزينب صاحبة قصة فولتارين ايمانى بانهم ضحايا هو ما يدفعنى الى هذا ، ان تعيش حياتك كلها محاولا الحصول على ما يجب ان يكون متوفر بين يديك لقمة نظيفة بكرامة او بنصف كرامة علاج دون اهانة او حتى بقليل منها شربة ماء دون تعب بكل بساطة ضحكة او ابتسامة صغيرة حق ان تشعر انك انسان ، كل هذا امل البعض او جزء منه كل هذا يفصل بينه وبين كثير منا خط وهمى يسمى خط الفقر وخط الفقر لا يفصل بين بعضنا وتلك الطلبات البسيطة فقط بل هو ينزع منا انسانيتنا تماما ، يخجلنا ويسخر منا قادرين وعاجزين حكاما ومحكومين ان يكون بيننا ما هم دون هذا الخط ، لعلك صديقى زهقت من كلماتى المتفلسفة التى انطلقت اكتبها مستغلا شغفك بمعرفة قصة امل لكن هذا ما حببت ان اذكره فى بداية كلماتى القصيرة
والبداية تبدا من قرية بائسة تطل على طريق فرعى لمدينة اكثر فقرا وبؤسا اما ما يهمنى من كل هذا هو بيت صغير او قل حجرة كبيرة او دقق اكثر اربعة حوائط وسقف من بقايا كثيرة لا احد يستطيع تمييز احدها عن الاخرى وتقع تلك الزريبة العشوائية كما يؤكد العمدة على بعد اكثر من كيلو متر من حدود القرية والعمدة هنا يشبهها بعشوائيات القاهرة اظهار منه لقدرته على تحديد الحالة على طريق مائل يجعل الصعود صعب جدا والنزول كالانجراف فى مجرى مائى منحدر ولما كان محمود لا يستطيع الا ان يبنى تلك الغرفة الواسعة له ولزوجته صباح وابنائهم مجهولى العدد فقد سمح لهم اهل القرية بهذا منحة لاجل وجه كريم ، وطبعا لا تحتوى تلك الغرفة الواسعة الا على قليل من الشعور بالامان والدفئ اما بقية ما يحتاجه البشر فقد قرر محمود التخلى عنه متبعا القاعدة ان ما لا تستطيع الحصول عليه بكل بساطة استغنى عنه ومحمود له مبدا غريب فهو معتل الصحة لم تمنحه صحته الا خيار واحد من اثنين اما ان يعمل ويكد نهارا وينام ليلا او ان يضاجع امراته ليلا ليئن من التعب والامراض وشكوى الزمان نهارا وقد اختار محمود الخيار الثانى متحولا الى انتاج البشر غير عابئ ببقية العملية الانتاجية من تربية واطعام ناهيك عن اى شئ اخر والاغرب من مبدا محمود حالة صباح التى استحالت الى هيكل عظمى يكاد يفقد عظامه ايضا من كثر الخلفة وسوء التغذية الذى تسبب فى عدد مرات من السقوط تساوى عدد مرات الخلفة ، اكاد اسمع صوتك تتافف من حديثى باحثا عن امل وقصتها ، اجاوبك بكل بساطة لا قصة لامل فالقصة احداث تتشابك وتتباعد تتفاعل وفى النهاية ينتج منها ما يدعوا للقص ، اما امل فهى احد منتجات محمود وصباح ولا احد يدرى لماذا اطلق عليها محمود اسمها التى تحمله هل تشبسا بشئ فر فى الحقيقة من بين يديه او ولنقل لم تمسه يديه من قبل وما موقف صباح من هذا لاسم هل استقبلته كما تستقبل كل مولود بفرحة ناقصة يحجمها خوف دائم من غد مجهول لكنه ليس مجهول ابدا بل غدا معروف بحرمانه والامه على ايه حال هذه امل وكل ما يحدث لها بعيد عن ما يطلق عليه قصة ، فامل حملت جزء من حمل قرراصحابه جميعا التخلى عنه فلم تنبرى له الا طفلة لم تبلغ اشدها بعد واظنها لن تبلغه ، وهو عمل متكرر تمارسه يوميا بشكل منتظم تلقائى يدعوا الى الدهشة ، لا بل قل الى الغضب ، الى الثورة الى النقمة الى كره كل ما يدفع من مثلها الى هذا ، فامل تصحوا من نومها كل صباح فتقضى حاجتها وتتجه بكل تلقائية الى حمل جردل بلاستيكى يكاد يبلغ نصف طولها وتتجه بخطوات بسيطة صغبرة تتناسب وسنها مندفعة فى طريقها نحو القرية لتصل اليها لاهثة لا ينقصها ضحكة طفلة بريئة ضحكة تحمل عالم باكلمه مسئولية ما يحدث لصاحبتها ، تقف فى طابور لا يخلو من قريناتها ومن هن اكبر منها منتظرة ان ياتى دورها فتملئ جردلها بماء الماسورة النظيف ليروى عطش اسرتها ، تدعو امل احدى السيدات لتساعدها فى حمل الجردل ليستقرعلى راسها الصغيرة وتبدا رحلة صعودها الى ما تدعوه منزلها ، لا عجب حتى الان فى ذلك فبالرغم كبر المسافة يظل عمل امل عمل مقبول لتوفر حاجة اسرتها من الماء فى ظل اسرة انطلق صغارها لجمع ما يمكن جمعه ليمنحهم يوما اخر من العيش يوما من الحياة حتى لو كان هذا اليومى ملئ بالالام والمعاناة حتى لو كان هذا اليوم ينقص من انسانية كل صغير منهم جزء والتى تتناقص يوم بعد يوم حتى تتلاشى تماما ، لكن لك ان تعرف ان امل تقوم بهذا العمل طوال النهار تصل الى بيتها بعد عناء تكاد تموت من التعب فتجلس قليل ناظرة الى الماء فى جردلها الصغير متمنية ان يزيد فجأة لكى يملا زير لا يمتلئ ابدا وقت تمتد امنيتها لتجد ان ماسورة الماء انتقلت لتكن بجوار منزلها فتسهل ما تقوم به ، المهم بعد ان تصب ما فى جردلها فى زير اسرتها ، تعيد كرة عملها مرة بعد مرة ، تتحرك الشمس من الشرق الى الغرب ياتى المطر تاتى الرياح بل ياتى العيد والفرحة ، وتظل امل حاملة لجردلها منتقلة ما بين ماسورة الحكومة وزير بيتها ، حالمة ان يمتلى لساعة واحدة فتذهب لمشاهدة مثيلاتها يلعبن او حتى تشطح بحلمها لدرجة انها تشاركهم لعبهم ، لكن لا الزير يمتلئ ولا الحلم يتحقق ، بل الام اقدامها تزداد واوجاع رقبتها تزيد همها لحظة بعد لحظة الطريق يطول يوما بعد يوم والشمس تزداد تاثير والارض تزداد قسوة خطواتها تتباطئ مرة بعد مرة تشعر انها فى علم اخر تختفى ابتسامتها يحل محلها الم صامت اه بريئة تنطلق طالبة المساعدة
لعلك تنتظر ان اكمل لك بقية قصة امل ، صديقى لا قصة لامل كما اسلفت فكما ترى لا احداث تتشابك ولا مواقف تختلف ولا نتائج تقص لان بكل بساطة لم تلحق امل ان تنسج اى قصة فقد فضلت ان لا تتوقف عند منزلها فى اخر مرة حملت جردلها الممتلئ بل تكمل طريفها صاعدة الى من خلقها فهو ارحم بها من اهل بلدها ممن يرون هذا يحدث كل يوم ولا يحركون ساكنا بل يتعجبون يتندرون وقد يتاففون ويشمئزون ويلعنون من هو مسئول وهم لا يدرون انهم كلهم مسئولون ، نعم هو ارحم لانهم للاسف يحملون قلوبا ماتت قتلتها الانانية وعدم الاحساس بالاخر
وتظل امل ذات الشعر الناعم الذى قلما وجد من يصففه لها ويضفره ضفائر تحمى طفلوتها عالقة بذهنى كما علقت زينب ايضا اريد ان اذكر نفسى واياكم ان هناك من يحتاج ان نحمل عنه جردل الماء ونصل به الى ما ارتضى ان يكون بيته مرغما وهذا ابسط ما يمكن ان نفعله لنزيح عنا ثقل خط ينزع منا ادميتنا

ليست هناك تعليقات: