اختلف مع كثيرين حول الخوف من الثورة المضادة ان وجدت ، فانا لا ارى محل للخوف ابدا منها بل اعتبرها اكرر ثانية فى حالة وجودها حلاوة روح لبس اكثر
بقرائتى لمقالات الكاتب المحترم بلال فضل عن سيناريو للاغتيالات وما الى ذلك والسماع للحقوقى عمر عفيفى اجد ان الموضوع مهول بدرجة كبيرة ومن ناحية منطقية صعب الحدوث ( الا اذا حدثت حالات اغتيال فردية لن تضر الثورة فى شئ) ، يعنى بالعربى العادى كدة ميش راكب وبلغة اليومين دول ميش لوجيك
باعترافنا ان هناك فلول للحزب الحاكم وبعض المؤيدين للنظام او فلنقل مستفيدين من الوضع السابق فكل هؤلاء يعتبروا الان مجرد فلول حتى وان امتلكت بعض الامكانات ، وحجتى فى هذا ان النظام السابق نفسه بجبروته وامكاناته لم يستطع الصمود امام الثورة اكثر من ثمانية عشر يوم بل ان الجناح الامنى نفسه انهار فى ثلاثة ايام فقط لا غير وظل الجناح السياسى صامد بعده محتميا بالشرعية الدستورية له وبمحاولات النظام الوصول لحل وسط ، فكيف يكون الحال لقلة حالمة برجوع الوضع على ماكان عليه وهو المستحيل بعينه ويديه وقدميه وكل كيانه
النقطة الاكثر اهمية لا تختص بالنظام السابق بل تختص بالشعب نفسه فالشعب قد ذاق طعم الحرية واستنشق هوائها النظيف، وضحى بخيرة شبابه ، فبالتالى لا توجد قوة على الارض- سواء كانت نظام سابق او حتى نظام قادم يعتقد انه من الممكن ان يفرض سطوته مرة اخرى على مصر (على الاقل فى المائة سنة القادمة) - تستطيع باى صورة سرقة هذه المكتسبات لان من سيهب لحمايتها هم ثمانون مليون انسان ، حتى لو كان الاسلوب المتبع هو محاولة بث نار الفرقة والتعصب السياسى او الدينى ، فنحن المصريون اثبتنا انه بالرغم ان ان هناك احتياج الى زيادة الوعى السياسى والديموقراطى لدينا بسبب حالة البيات الطويلة التى تقترب من الستين عاما والتى حرمنا فيها من ممارسة حقوقنا السياسية الا اننا نمتلك ذكاء فطريا وسماحة نفس وسعة صدر لتقبل الاخر بطبيعتنا تمنع حدوث هذا وتحد من اثاره حتى وان حدث
اما النقطة الثالثة فتتعلق بكبار النظام السابق ورجاله الاوفياء ، فهؤلاء لم يكونوا ابدا مخلصين لعقيدة او مبادئ لكنهم مسنادين لنظام فاسد استفادوا منه فى استنزاف خيرات وطن مقابل تقديم فروض الولاء والطاعة لم تقدم او تؤخر كثير للنظام بل افادتهم هم اكثر لان النظام اعتمد على الارهاب والقمع فى تواجده وبالتالى بعد سقوط هذا النظام وانهياره سيكون الهم الاكبر لمعظم رجاله الاوفياء مثل الوزراء ورجال الحزب واعضاء المجلسين والقطاع الامنى الموالى للنظام كل هؤلاء سيكون كل همهم تأمين موقفهم الشخصى ومحاولة الخروج من دائرة المحاكمة سواء بالهروب او عقد صفقات لانهاء الموقف ، وبالتالى مساندة نظام مات نهائيا فى العودة للحياة تعتبر مغامرة فاشلة لن تزيد الموقف الا سوء
الخوف كل الخوف ليس من الثورة المضادة بل من التقاعس عن المضى قدما فى طريقين متوازيين للاصلاحات السياسية والاقتصادية فالاصلاحات السياسية حتى وان كانت حلم طال انتظاره لا معنى له الا بتطور المنظومة الاقتصادية فى مصر ولا ننسى ابدا ان من اهم اسباب ثورة يناير هو الوضع الاقتصادى المزرى التى وصلت اليه البلاد ، والخوف هنا ان القرارات المطلوبة للاصلاح الاقتصادى ستكون قاسية كما الجراحة الحرجة لانها ستعالج خلل استمر سنوات طويلة جدا افقد النظام السياسى لثورة يوليو فيها الهوية الاقتصادية لمصر، وقسوتها ستطول كافة الطبقات وستحتاج الى سنوات من العمل المستمر الدؤوب لنلحق بالدول المنطلقة بقوة ، والخوف هنا من عدم تقبل المواطن مثل هذه الاصلاحات لان ليست كل الاصلاحات ستكون بردا وسلاما علينا بل الكثير منها سيحملنا مسئولية المشاركة والمساندة صحيح ان الجزء السياسى له حلاوة الحرية حرية التعبير والاختيار وما الى ذلك لكن الجزء الاقتصادى سيكون له مرارة العمل لكى يتذوق حلاوته ابنائنا واجيالنا القادمة
اما الحديث عن الانتقام الشخصى من بعض الحقوقيين كالبرادعى وغيره باعتبارهم مساهمون رئيسيون فى قيام الثورة فتلك نقطة لا يستطيع احد التعليق عليها لان مشاعر الانتقام مشاعر بغيضة قد تعمى صاحبها وتدفعة لارتكاب حماقة لن تقدم او تؤخر فى المعطيات على ارض الواقع ولكن نكتفى هنا بفرض الحراسة اللائقة على هؤلاء الحقوقيين لحمايتهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق