السبت، 29 مارس 2008

اسطورة السمسمية



كثير من الاساطير تؤثر فى حياتنا بل وتغير حياة مجتمعات باكملها ، والاساطير لا تتوقف على زمن معين ولا حتى تاثيرها يقف على عقليات معينة ، صحيح قد يكون تاثيرها محدود على بعض الذين نالوا قسطا من العلم ولكن هذا فى الظروف الطبيعية ، اما فى ظروف انتشار الاسطورة فقد تؤثر على المثقف اكثر من الشخص العادى ، وليس افضل من مثال اسوقه اليكم الا مثال السمسمية ولمن لا يعرف السمسمية ترعة صغيرة تربطها بقرية السمسمية طريق صغيرة تمتد موازية للترعة ثم ما تلبس هذه الطريق الا ان تنحرف جنوب منفصلة عن السمسمية لمسافة حتى تصل بنا الى القرية التى تحمل نفس اسم الترعة وبداية الاسطورة منذ سنوات عديدة لا احد يعرف عددها قد تمتد الى مئات السنين وقد تكون مجرد بضع عشرات الا ان المؤكد ان البداية كانت بتعرض الحاج محمود للضرب المبرح - والحاج محمود كان من كبار رجال القرية فى المقام كما كانت صحته ما شاء الله الا انه كان زير نساء وتعددت مشاكله بسبب هذا الموضوع - فى سكة السمسمية كما يسميها الجميع وشاء الله تعالى ان ينجو الحاج محمود من هذا الموقف ليحكى للناس ان من ضربه ليسوا بشر بل جن او عفاريت لانه وجد فى هذا حرج ان يقول ان هذه العلقة السخنة من اولاد الغجر بعد ان وعد ابنتهم بالزواج وخلى بها ولم يعش الحاج محمود كثير بعد الحادث بل مات متاثرا بجراحه تاركا اهل القرية ينسجون الكثير والكثير عن عفاريت السكة، واصبحت كل حكايات القرية وونستها تتكلم عن العفاريت، واخذ الجميع احطياتاتهم فحرم المشى فى السكة بعد المغرب كما منعت النساء اساسا من المشى فى هذه السكة ورخصت قيمة الارض المطلة على السكة واصبح كل تركيز البلد منصب على تجنب هذه السكة ، وتمر السنين والناس لاتنسى قصة الحاج محمود بل تتذكرها وتضيف عليها فتكبر الاسطورة ، وبالرغم من كل الاحتياطات فأن كل فترة تحدث حادثة تؤكد الاسطورة فها هو صبحى واخوه يلقيا حتفهما ذبحا، ويعثر عليهما الناس فى منتصف طريق السمسمية ومن المعروف ان صبحى واخوه على خلاف مع ابناء عمومتهم على ميراث كبير يبلغ فدانين ، كما تقتل روحية طعنا بسكين بالرغم انها لم تمر بالطريق بل خرجت ليلا لزيارة امها فى الطرف الاخر من البلد ولم تطأ قدمها هذا الطريق منذ سنين الا انها وجدت ملقاه على احدى جانبيه ومن الصدف ان روحية الزوجة الثالثة للحاج ابراهيم وكانت دائمة المشاكل مع زوجاته واهله

ومن الغريب ان الحكومة لا تعطى هذه الحوادث الاهتمام الكافى بل تحقق فيها كاجراء روتينى مكتفية بارتياح الناس لاسناد جميع الجرائم للعفاريت ، وكيف لا وهم كل مأمور مركز هو تامين الانتخابات وتفصيلها بحيث تخرج كما يريد السيد مدير الامن ومن علاه

وبعد عدة سنوات اختفت ابنة الحاج شوقى ولم يعثر لها على اثر واكد الحاج شوقى وعائلته انها خرجت للمدرسة وقد تكون مرت بحالة من السرحان كما يحدث لها كل فترة فسلكت طريق العفاريت كما اصبح الناس يدعوه فقتلوها واخفوا الجثة التى قد تظهر فى اى وقت ، والعجيب ان كل اهل القرية صدقوا المقوله بل واكد بعضهم انه شاهدها وهى تعبر الجسر الصغير متجه الى الطريق الملعون صباح اليوم الذى اختفت فيه، بالرغم من ان ابنة الحاج شوقى احبت استاذها فى المدرسة ولم تستطع اخبار والدها بقصة حبها لفترة طويلة بسبب اصراره على زواجها من ابن اخيه الا جميع من كانوا يعرفن هذه القصة نسوها ولم يتذكروا سوى العفاريت

وبعد عدة سنوات ومع تجرا بعض الناس على السير فى هذا الطريق وانخفاض صوت السطورة بدات الارض المطلة على طريق العفاريت ترجع الى معدلها الطبيعى فى القيمة ، الا ان القرية اصحبت صباح احد الايام على ماساة جديدة فهاهو سليمان وولده توفيق يلقيا حتفهما غرقا فى الساقية المطلة على الارض التى يملكان فعادت الاسطورة اقوى من الاول ، واخذ العمدة بصفته المسئول عن القرية فى شراء الارض بربع قيمتها واندفع الناس يبيعون هنا ويشترون جزء اصغر فى اى منطقة اخرى احسن من انتظار الموت فى هذه الارض، واستطاع العمدة بتوفيق من الله عز وجل ان يشترى معظم الاراضى المطله على الطريق ويرحم الناس من اخطار العفاريت حتى وان تركها بور وهذا طبعا ما لم يحدث !!!!!

وقد جنى العمدة جزاء عمله الطيب فبعد مرور السنين وانحسار الاسطورة مرة اخرى بفضل مجهود رجال العمدة فى القضاء على العفاريت ليس فى الطريق ولكن فى عقول اهل القرية باع العمدة جزء كبير من الارض الى اهل القرية والقرى المجاورة بقيمته الحقيقية وجنى من هذا ارباح ضاعفت ثروته خمس او ست مرات


وتمر السنون وتصحوا القرية كل فترة على مأساه سرعان ما تنسب الى عفاريت الطريق ، فاصبح الاطفال يتعاطون الاسطورة كجزء من حياتهم بل ويستغلونها فى اخافة بعضهم البعض ، وتطور الامر فاصبح الجميع يبحث عن تبرير لما يفعله باسناده الى عفاريت الطريق والتى زادت سطوتها فاصبحت تهاجم القرية ، وتتسبب فى جرائم لم ترتكبها من قبل فتحرق البيوت وتهاجم النساء والاطفال، وتسرق الذهب والمال من غرف النوم وتسمم البهائم وتقتل فى الفراش ، فأضحت القرية فى ماساة حقيقية وفر منها الكثير وبيعت الاملاك برخص التراب وازداد الفقر وازداد ايضا الغنى ، واصبحت العفاريت تتجسد فى صورة ادميين من اهل القرية تفعل ما تريد وتاخذ ما تحب بينما السواد الاعظم من اهل القرية ينظرون غير عابئين ، يرجعون كل شئ للعفاريت التى تشاركهم حتى فى طعامهم ، بل حتى السواد الاعظم اصبح هو الاخر من العفاريت يحاول خطف ما يستطيع ممن حوله حسب ما تسمح به الظروف


فازداد الفقر وتمكنت الاسطورة من الجميع الكل مستفيد منها والكل يتمنى استمرارها ، مع ان الكل يلعنها كل يوم او بالاحرى يلعن مقدار ما يستفيده منها ويتمنى زيادته ،الا ان الكل يجرى محاولا خطف اى شئ ناسبا جريمته للاسطورة


واصبح الغلبان هو من يستفيد منها قليلا ، والطيب هو ما يقاوم نفسه من الزيادة منها، اما العفاريت فهم من يمرحون فى خير الاسطورة ومنهم الكريم من يوزع جزء مما يجنى على من حوله ومنهم البخيل من يكتفى بالاخذ فقط


ومع الزمن تحولت الاسطورة الى جزء منهم او اصبحت حياتهم فيتعلم الاطفال حركات العفاريت او ما تنسب الى العفاريت واندثر العلم، فهو لا ينفع ولا يساعد على الفوز بجزء من نصيب العفاريت وحل محله الفهلوة وابتكار الاساليب الجديدة حتى اشتهرت السمسمية على مستوى البر كله بقدرة اهلها على فعل كل شئ واى شئ للفوز بما يريدون



فى النهاية كلامى لان الاسطورة لاتنتهى لن ينصلح حال اهل السمسمية الا اذا طردوا العفاريت من داخلهم ورجعوا للعمل والزراعة وسلكوا طريق العلم لعل ارضهم التى تحولت الى بور ترجع مرة اخرى لتعطيهم ما حرمتهم منه جزاء افعالهم


السبت، 15 مارس 2008

عم سعيد


عم سعيد سعد الغلبان اشك ان احدكم لا يعرفه وان كنتم لاول وهله لن تتذكروه - ركزوا قليلا رجل كبير بوجه اسمر وشعر ابيض ناعم ، لمن لا يتذكره هو استقر ببدروم العمارة التى يقطنها العبد لله، بالرغم من معاشرتنا له ايام وسنين لا احد يعرف من اين اتى ولا كيف نشأ ، ولكنه يصر انه من عائلة كبيرة ( ليس حسبا ولا نسبا) انما عددا وهى تنتشر فى مصر من صعيدها الى فرعى دلتا نيلها، بل يؤكد فى لحظات صفاءه القليلة ان عائلة الغلبان هى من سلالة فرعونية اصيلة شاركوا فى طرد الهكسوس وصد الحملات الصليبية بل وشاركوا فى حفر القناة وبناء السد وعبور بارليف ، ويندهش عم سعيد من عدم معرفة بعض سكان العمارة به او بعائلته ويتمتم (معلش مهم ميش عايشين فى مصر ) .

دائما ما تروادنى كلمات عم سعيد وانا بين الناس، ملامح كثير منهم تشبه عم سعيد حتى انى صدقته نعم عائلة عم سعيد كبيرة منتشرة ومما زاد من ايمانى به ان ملامح عم سعيد نفسه تتقارب مع ملامحى حتى انى اجزم ان احد فروعى بنتمى الى عائلة الغلبان وبالتالى انا انتمى اليها ، وهو ما ردده العم سعيد ( انت يبنى غلبان مأصل دور بس حتلاقيها جاية من جدود الجدود )


وعم سعيد لم يحكى تاريخه ابدا لاحد بل يكتفى دائما بقوله الحمد لله ، يرفض دائما اى مساعدة من السكان ويؤكد ان اليد البطالة نجسة سبحان الله يا عم سعيد اوجد لنفسه فرص من لاشئ اصبح يبتاع الخبز لسكان العمارة ومتطلبات كل شقة من الخضر وما الى ذلك، بل يدفع فواتير الماء والكهرباء والان وصل الى التليفونات ولعلى مرة اجده يدفع فواتير المحمول.


وبرغم من انى لا اقابل عم سعيد كثير فهناك صلة خفية تجمعنى به وقد تجمع كثير منكم ، انا ارتاح الى بساطته وجهه الذى يحمل اثار الزمان اشعر بانه يحمل سبعة الاف سنة على كتفيه يمشى بهم مزهوا حتى وان كان الطريق وعر وملئ بالحفر، او حتى من كانوا حوله بدلا من ان يساعدوه اصبحوا يعيقونه

دائما ما اصحوا مبكرا حتى ايام اجازتى وهذا ما يمثل عبئا على لان يوم الاجازة يكون بذلك طويل لابد من تجهيز برنامج دسم حتى استمتع به وفى هذا اليوم قررت ان انزل مبكرا جدا لاتمشى قبل ان يهاجم عادم السيارات الهواء النقى ويحل محله استعدادا للانقضاض على رئتى فيصيبنى باختناق لم اتعود عليه


لحسن حظى قابلنى العم سعيد على باب البناية بابتسامته قائلا (صباح الخير يا هندسة) وجدتها فرصة جيدة لاكتشاف المزيد عن عم سعيد فسالته الى اين يا راجل يا عجوز فضحك ضحكة طويلة قائلا (انا شباب عنكوا يا ولاد امبارح الى الفرن) ، لم اشعر الا وانا اقول له خذنى معك ، لم يكذب العم سعيد الخبر وامسكنى من يدى صائحا (طيب يالا بينا) ، لمسة يد عم سعيد اشعرتنى انى طفل اسير مع ابى ، سالته احيكى لى يا عم سعيد عنك من اين انت ؟ وكيف وصلت الينا؟، نظر الى ثم تحول الى الطريق وهو يومئ براسه (ماشى بس بشرط ) شعرت انى صحفى يطارد رجل سياسة او فنان ليسرد مذكرات حياته ، ومما زاد من هذا الشعور كبرياء عم سعيد واحساسه ان حكايته مع الزمن كلها اسرار وكنوز سيطاردها الناس ، انتبهت على صيحته (ها قلت ايه) ردد موافق قل الشرط ، يرد عم سعيد (تفطر معايا واحنا راجعين من الفرن) ، ضحكت جدا وانا اردد الكلمات الواجبة فى هذا الموقف (غالى والطلب رخيص) يا عم سعيد .


(ميهمش اتولد فين فكل ارض مصر طيبة وولادة تنجب الشباب الجدعان اللى يحموها ويكبروها ، لكن اللى يهم انى اتولدت ايام الملك كانت ايام كلها خير وكنا والله صغييرين لكن بنحبه ) هكذا بدا العم سعيد حكايته ومع بدايته وولعى المعروف بالحكايات احسست انى انفصل عن العالم وادخل عالم العم سعيد .

(كنا ولاد كتير فى البيت انا واخواتى وكنا صحاب ارض والله لكن دنيا ، اتعلمت فى الكتاب ومنه للمدرسة وكنت باشتغل فى الارض كان الخير كتير اوى ميش زى دلوقتى البركة ميش حلة لا فى اكل ولا فى شرب صحيح كانت الفلوس قليلة لكن حنحتاجها فى ايه طلما كل حاجة موجودة الا فى الولد بس ولا فى الاعياد) نصل الى فرن الخبز المنظر لا يصدقه عقل بالنسبة لى زحام شديد جدا انظر الى عم سعيد مشفقا انت كل يوم تحارب لكى تحصل على الخبز ، ضحك العم سعد ضحكة خبير قائلا (دا فرن فاضى علشان مبيعملش العيش المدعوم دا نص مدعوم ، اومال لو رحت با هندسة الفرن بتاع المدعوم ، هناك الناس بتروح مسلحة) اضحك من مبالغة عم سعيد فيعقبها بحلفان (اه والله مسلحة بالجنازير والنبابيت وشركات تربية الدواجن والمواشى بتبعت بلطجية يشتروه اصله ارخص من العلف شفت الزمن اللى اكلنا فيه بقت تاكله البهايم ولا مؤخذة ) يرجع العم سعيد الى حكايته( كان العيش الفلاحى اللى بتعمله امى الرغيف يلكمك لتانى يوم ابيض وحلو وطعمه مسكر وياسلام بقى لما تاخده سخن وتحط عليه شوية سمن وعسل، السمن البلدى ميش الكيماوى بتاعكم دا ) يندس عم سعيد فى طابور طويل واقف جانبه ( ميش عارف الدنيا تغير حالها ليه لو كان حد زمان يقولنا العيش حيبقى بالطابور كنا نقولوا دى القيامة تقوم اسهل، خلصت الابتدائة القديمة من هنا والثورة قامت من هنا الناس كانت بتحلم ان مصر تتغير الاحسن على يد العساكر الشباب دول وصورهم بقت فى كل بيت وبصراحة جالى الخير معاهم واتعينت موظف فى البلدية كنت بطلع بالعجلة يوميا لحد المركز وارجع اخر النهار اكمل شغل فى الارض ، اه محنا كنا لازم نشتغل علشان نبنى ، اخويا اول شهيد فى العليه فى 56 مع ذلك محزناش كانت فرحتنا بالتاميم اكبر من حزننا على اخونا مهو اه جد جدى مات برضه فدا القناة وهو بيحفرها يعنى القناة دى مخلوطة بدم عيلة الغلبن ) انظر اليه باعجاب يكمل حديثه ( علشان تعرف اننا عيلة كبيرة ميش عيلة اى كلام بس اللى يعرف، بعد الحرب بدانا نبنى ) انظر اليه قائلا انت شاركت فى بناء السد ( يكمل حديثه منا جايلك فى الكلام اهو اخويا برضه طلع يبنى فيه وانى كنت بكبر بناء بيتنا وببنى برضه جسر يوفرلى الماء مهو لازم نفكر حلو ، بس بدانا نحس ان كلام كتير احلام صحيح الواحد لازم يحلم جامد ويحقق اقل بشوية ، بس احنا حسينا ان اللى بيتحقق كل يوم اقل من اللى قبله ) الطابور ممل جدا يسير ببطئ شديد الساعة تقترب من التاسعة وعم سعيد لا يبدوا على وجهه اى تزمر


(السد خلص وتاممت الشركات واجت النكسة كانت نكسة فى كل دار ابنى البكرى راح فى الحرب لكن حزنى مكنش عليه يا باش مهندس منت عارف حد بيحزن على شهيد لكن حزنى كان على حلم مات ياجدعان دحنا ماحربناش والله ابنى الله يرحمه لو كان حارب مكنش خلاهم ينجسوا ارضنا منت عارف يا هندسة عيلة الغلبان صحيح ناس طيبيبن بس ويلك منهم لو غضبوا ) مازال الطابور يعاندنى وحبات العرق تنساب على ظهرى يا لها من رحلة ( الكسرة كسرتنا كلنا مبقش ليا نفس اروح البلدية حتى لما بروح ببص على صورة الريس بلاقيه زعلان اه والله زعلان منتش مصدقنى، ليالى طويلة الاكل كان ملوش طعم والضحكة موهبتش ناحية الدار مستنين تار ابنى مهو اخوه التانى والتالت دخلو الجيش سوا انى بايدى دى اللى اخدتهم على المنطقة ،منا مخلف اربع رجالة وتلاتة بنات ، الواد التالت استشهد فى الاستنزاف بس خليت الولية تزرغد اصله عقبال عندك من اللى دمروا ايلات الله يرحمه ، من يومها وانا بقول التار قرب وبقول للواد التانى اخوك الكبير استشهد واللى اصغر منه برضه الدور عليك بس تنتصر ) ارى دمعة فى اعين عم سعيد اربت على كتفه كم انت عظيم يا عم سعيد ( مهو يا باش مهندس الدم غالى لكن الارض اغلى ، وفى يوم عشرة رمضان وانا راجع من المركز بالعجلة وداخل على البلد لاقيت زغاريد بزيادة شوية قلت ايه العمدة اجوز تالت ولا ايه ولا المرادى جوز بنته العانس ، بس الفرح كبير والناس بتقول يا رب النصر قلت فى عقل بالى منكنش عملناها يا ولاد اى والله عملناها محستش بنفسى الا وانا ناطت من على العجلة ورحت رامى نفسى فى المشروع بدال مروح لحد الجسر واعديه وارجع تانى علشان اوصل للوحدة الزراعية اللى فيها الراديو ووصلت وانا مبلول كدة لقيت كل اهل القرية اللى بيرقص واللى بيقول لحسان يكونش دا احمد سمير جديد منش مصدق والله قلبى بيقولى المرادى لا انى واثق من اننا حننتصر اسجد وانا بقول يارب النصر مروحناش يومتها الا لما البى بى سى جابت خبرهم اى والله عبرنا بارليف الناس بترقص ، حتى العمدة البخيل جرى زى المجنون وطلع عجلين ودبحهم البلد كلها كانت فرحانه اول مرة الناس تمد اديها وتقولى البقية فى حياتك وانا واقف وراسى لفوق وبتلقى العزى ، ) لما اعد اشعر بالطابور الذى يسير ببطئ لا يتناسب وانفعلاتى مع حكاية عم سعيد الغلبان ( يوم العيد الصغير رجع ابنى متصاب لكن بطل اى والله يا هندسة بطل البلد كلتها احتفلت بيه مع اصحابه صحيح ساب ذراعه فى سينا ذكرى ليوم النصر بس انا وانا بخده بالحضن حسيت ان دراعه الباقى دا اجمد الف مرة من الف دراع ، خلصت الحرب بحلوها ومرها ويا حلاوة يا هندسة لما تدوء الحلاوة بعد المر وعدوك يدوء المر بعد الحلاوة ) ياه يا عم سعيد لخصت سنين الحرب فى جملة واحدة حلاوة بعد مر ( متعرفش حصل ايه بعدها البطل اعد فى البيت وسعينا نشغله فى البلدية لحد لما حفيت لكن فى الاخر الزعيم الله يرحمه وافق على الطلب وصرفله كمان حافز مستديم ، اما الواد الصغير مكنش زى بقية اخواته كان خرع دلوع كل همه الفلوس ، عايز يجرى وراها حتى لو فى اخر الدنيا شوية يقولى نبيع الارض ونفتح بقاله وشوية يقولى نجرفها كل سنتين ونبنى بالفلوس بيت طوب احمر ، زهقت منه ومن افعاله بس نعمل ايه مهو ضنايا ، اقله بص ياوله على اخوك البطل ولا الشهداء اخواتك يقولى مهو البطل اهو الكل نسيه وبياكل ويشرب بالعافية ، احنا يابا فى عصر غير العصر، عصر اللى معاه يعمل واللى معوش ميلزموش ، وكل عصر وله ادان يابا ، وفى يوم جالى وقالى افرح يابا حجوز بنت العمدة وحقب لفوق ، انتفضت يا هندسة بنت العمدة دى اد امك يا وله غير كدة لسانها زفر، دى ستات البلد يا وله مبتكلمهاش الا للشديد الاوى ، وبعدين حتصرف عليها منين وحتجبها تعيش هنا معنا ، رد عليا ابن الكلب وهو بيقول لا يابا انا اللى حعيش معاها هناك دى دارهم واسعة وهو كاتبها باسمها دا غير الفلوس والارض والعربية البيجو يابا ، اتفوه عليك ملعون واطى تعيش على قفا حرمه يا واطى انت ميش ابنى ولا اعرفك وعيلة الغلبان كلها متعرفش واطى زيك ورحت طارده ياهندسة ) ندخل مرحلة جديدة من الطابور وهى مرحلة المظلة التى رحمتنا من اشعة الشمس المباشرة الساعة تقترب من الحادية عشر ( بعدها الاحوال ساءت وبعت حتة الارض لجل ما استر البنات وطلعت من بلدنا اول مرة علشان المركز بعد شغلانة البلدية بقيت اشتغل جانينى لجناين البيوت الكبيرة اه مهو زى ما قال الواطى الزمن دا ليه قطط وحيتان ، صحيح عيب نمشى فى ضلهم بس ميش عيب نشتغل عندهم شغلة حلال ، وفى يوم مشئوم شوية عيال قتلوا الزعيم ، حد يقول الكلام دا برضه الراجل اللى كسبنا الحرب نردله الجميل كدة ، بعدها مرت الايام زى بعضها كل حبة الاسعار تغلى والناس ترخص ، طلعونى معاش بقبض 80 جنيه، الولية ماتت والبطل مع الوقت بقى زى اخوه ، بقى يشتغل معاه معذور مهو الزمن بقى اقوى منو اما الواطى فربنا فتحها عليه وبقى عنده فرن اى والله فرن فى بلدنا ونادى فديو الشباب يسهروا فيه للصبح ومراته ماتت بعد ما اجوز عليها مرة واتنين ، وانى لاقيت البلد مبقاش ليا فيها عيش خرجت القط رزقى لحد ام جيت عندكوا هنا ) وصلنا اخيرا الى الشباك يرص عم سعيد العيش وهو يتعجب( دا عيش دا والرغيف ب خمستاشر ، لو كانت امى شافته كانت ماتت من الحسرة) نتجه مباشرة من الفرن الى شارعنا ، فجأة يقف عم سعيد ينظر الى مبتسما مشيحا بيده ( من هنا انت ناسى الفطار يا هندسة ) نتجه الى نصبه فول مكونة من عربة وعدة طاولات وكراسى صغيرة نجلس بينما يهدد عم سعيد صاحب العربة بالويل والثبور وكبير الامور اذا لم يعد طبق الفول بالبيض باحسن ما يكون ويحضر الطعمية الساخنة ( مهو اليوم الباش مهندس مشرفكم ) أكل مع عم سعيد بنفس مفتوحة فقلما تاكل مع رجل يبلغ من العمر سبعة الاف عام ، وكانت اخر عبارة قالها عم سعيد قبل ان نفترق ( سلام يا هندسة علشان لما اقلك عيلة الغلبان دى اكبر عيلة فى مصر تصدقنى ) صحيح يا عم سعيد كلامك كله صحيح عائلة الغلبان عائلة كبيرة نتشرف انا وانت بل كل من يقرأ الان ان ينتمى اليها .

الأربعاء، 5 مارس 2008

الشجرة والمرآة


جرت احداث حكايتى هذه وانا طفل فى العاشرة ، فى منطقة سيدى بشر بحرى الاسكندرية كانت جدتى تملك بيتا مكون من 3 طوابق بالشراكة مع اخيها ، وبجانب البيت حديقة تابعة له يفصلها عن البيت باب صغير ، اما الحديقة فكانت واسعة وبها عدد من اشجار الموالح ليمون ويوسفى وبرتقال لا يتجاوز العشرين شجرة وبعض اشجار الكمثرى والمانجو، الى جانب شجرة واحد للظل اظنها صفصافة ، وبطبيعة الحال مثل كل ابناء العائلة كنت لا اولى اى اهتمام بهذه الشجرة والسبب اننا كنا نفرح بثمار هذه الشجرات، الا انى كنت اهتم بها قليلا نظرا الى انى كنت احب تحتها قراءة الكتب والحكايت .

فى ذلك اليوم يوم ان جرت احداث هذه القصة نما داخلى شعور ان هذه الشجرة حزينة لا اعرف لماذا، كنت اتوق الى معرفة سبب الحزن ان كانت فعلا حزينة او ان تخيب ظنى فارتاح من هذا الشعور الذى اصبح يسيطر على.

لكن كيف ادرك هذا كيف اكلمها اتواصل معها لا توجد طريقة لهذا ، مللت من التفكير مررت داخلا الى غرفتى لقيت جدتى جالسة تشرب القهوة بالبهو

تذكرت قصة غريبة حدثت منذ فترة جدتى تنهرنى، لا تنظر الى المرآة كثيرا حتى لا تسحرك ، تسحرنى اى تحولنى الى قرد او ارنب هذا هو مرادف كلمة تسحرنى فى هذا العمر بالنسبة لى، اردفت ان ركزت بشدة فى المرآة سوف تجذبك الى العالم الاخر، انظر هناك للحظات لكن بلا تركيز كل شئ هناك يتكلم يشعر ويحس، ليس كمثل عالمنا هناك كل شئ حى

تتردد هذه الكلامات فى اذنى (هناك كل شئ حى يتكلم يتكلم ) وصلت الى غرفتى لماذا لا اركز واخترق تلك المرآة الى العالم الاخر فاتكلم مع هذه الشجرة ، لكن اشرف ابن عمتى اصطدم بالمرآة من قبل انكسرت واصيب هو بجروح، اه لابد انه لم يركز اكيد لم يركز لانه كان مندفعا على ان اركز

جلست امامها صامتا محاولا التركيز وكلما شعرت انى مركز امد يدى لاخترق العالم السحرى هذا فتصطدم يدى بالمرآة فادرك اننى لم اصل الى الدرجة المطلوبة فاعيد الكرة مرة وراء مرة، اشعر بالنعاس راسى ثقيل جدا عيناى تغفلان انتفض لابد ان اركز اضع رأسى على يداى المربعتان المرتكزتان على (السراحة) امد يدى ما هذا المرآة تستجيب لها كما المطاط ادخل يدى بقوة امد يدى الاخرى وراسى اقف على (السراحة) ثم القى بجسدى كاملا الى الداخل المرآة تتلقنى ثم تنقطع وتلقى بى الى العالم السحرى

ما هذا سريرى ينظر الى بعتاب، دائما ما اهمله كل صباح، اتجاهل نظراته اجذب مقبض الباب بشدة لاخرج، اسمع اه وسبة يتبعها كلمات عن الادب والاستئذان، لا ابالى بها اجرى الى الصالة اجد جدتى تحدث الفنجان بينما ينظر اليها دولاب التحف بحب وود فهى تقدره جدا وتهتم به كانه ولدها، اندفع نحو الباب اقف فجاة لو سمحت ممكن اخرج يبتسم الباب ابتسامة حانية وهو يهمس تفضل ،اخرج دون انتظار امرق من باب الحديقة المفتوح دائما مندفعا حتى اصل اليها تنظر الى بابتسامة حزينة وهى تقول اهلا اين كتابك تفضل اجلس، انظر اليها مندهشا قائلا لا انا جئت لاسئلك هل انت حزينة نظرت الى ومدت احد فروعها احتضنى وهى تقول كيف عرفت وانا اول مرة اكلمك، قلت لها اشعر بهذا استجيب لحركة فرعها واجلس على الارض ولكنى زعلان منك لماذا لم تقولى لى من قبل لماذا لم تخبرينى، تنظر بدهشة كيف هذا لقد قلت لك

لم اسمعك وانت تقوليها بل هذه اول مرة اراكى تتحدثين، تضحك ضحكة عالية ليس كل شعور ينقل بالكلام يكفى ان تركز بحب لتشعر برسالتى لك اعرف انك صغير لكن لابد ان تتعلم هذا، اشعر بالاخرين حس بهم بحبك واهتمامك ستجدهم دائما ما يلجاون اليك

ابتسم لها تكمل قائلة لكن رسالتى وصلتك اليس كذلك، اجيبها نعم لكن لم تصل كاملة اعذرينى فما زلت صغيرا لذا لم اعرف السبب لم اعرف لماذا، تنظر الي بحنو قائلة اعرف هذا لكنى لم اجد غيرك اوصل له رسالتى انت اكثرهم حبا لى ، هل تشعرين بحب الاخرين

نعم طبعا كل كائن خلقه الله عز وجل حى او ميت يشعر بما حوله ، اضحك بشدة معنى هذا ان الكرسى والسرير ووووو يشعرون بحبنا لهم او مقتنا اياهم

تومئ قائلة نعم يشعرون الم تلاحظ دولاب التحف كيف يحب جدتك ، افكر قليلا اصدق كلامها ،اذن سريرى يدرك انى اصبحت لا اطيقة واحتاج واحدا جديد بعد كل هذه السنين كان يجب ان اعامله باحترام اكثر هو اصبح عجوزا لكن يجب الا يشعر انى لا اريده وخصوصا انه كثيرا ما احتوانى وانا تعب وساعدنى على النوم والراحة ، اشعر بذنب شديد اقسم انى اعامل كل كائن بحب وان اضع فى اعتبارى انه يشعر بى

انتبه على فرعها وهو يربت على كتفى انظر اليها قائلا قولى لى لماذا انت حزينة، تبتسم لا اجد الاهتمام مع انى اوفر لكم الظل لكنكم لا تهتمون الا باشجار الثمار فتنتظروا ثمارها بشوق وتهذبوها بل حتى الجناينى لا يعرينى نصف ما يعريه اياهم مع انى لا اقل اهمية بل قد ازيد انا اوفر لكم الجلسة الرطبة انت نفسك لا تقرأ الا هنا هل فكرت يوم تقرا هناك لا ، اشعر بالخجل منها احاول ان ابرر موقفى بل موقفنا كلنا فلا اجد كلمات اعتذر لها اعذرينا تبتسم قائلة هكذا انتم ايها البشر لا تهتمون الا بما يحدثكم عن اعماله، اما من يعمل بلا كلام ويهتم بنفسه ليظل دائما موفرا لكم ما تحتاجون لا تعيروه اى اهتمام ومع الايام يصبح نسيا منسيا ،الا تفعلون هذا مع اهلكم بل مع انفسكم ذاتها

لا افهم كلماتها الصعبة ولكنى ادرك انها محقة فى حزنها اوعدها بتغيير الوضع انطلق جاريا اعبر الباب ادخل غرفتى اقفز بسرعة فى المرآة تتلقانى وتلفظنى بسرعة اتقلب افتح عيناى انا على سريرى اليست قفزة رائعة جدتى تنظر الى قائلة صباح الخير اجيبها صباح الخير يا جدتى

صباح الخير يا سريرى جدتى تندهش وتنظر الى باستغراب

والى الان ينظر جميع العاملون معى بدهشة وانا القى التحية على الماكينات ، او وانا احدثها وهى مريضة اقصد معطلة .

لكنهم سيشعرون بدهشة اكبر لو سمعوها وهى تهمس فى اذناى تحدثنى تشتكى الى وتساعدنى على حل مشكلاتها

السبت، 1 مارس 2008

لقاء .............


كم من الوقت مضى ونحن نتحدث بلا انقطاع ، ساعات وساعات شعرت انها دقائق بل لحظات ، كلماتها الرقيقة العذبة تملا الاجواء ، انبهر بها وبطريقتها فى الكلام تتكلم باستمرار وتخرج من موضوع الى موضوع اشعر وكانها تحاول الهرب من شئ ، فجأة تتوقف عن الكلام تنظر الى الهدوء يسود المكان لا يقطعه الا صوت الامواج الناعمة وهى تصل الى الشاطئ بعد رحلة طويلة، تصل متعبة مرهقة تفترش الشاطئ بسلام ، اقتربت منى انفاسها تلهب بصدرى رفعت عينيها لتلتقى بعيناى مست شعرى بيديها قائلة احبك وسأحبك ما حييت قبلتنى قبلة صغيرة على جبهتى ثم قامت وجرت الى البحر قائلة حان وقت عودتى الليل اشرف على الانتهاء لابد ان اعود ، انطلقت اعدو خلفها وصلت اليها قبل ان يصل الماء الى منتصف جسدها نظرت الى مبتسمة هامسة لابد ان اعود حتى استطيع ان اتي غدا وبعد غد حتى الموت فقط دائما انتظرنى ، لم اتمالك نفسى ضممتها الى صدرى بشدة تتعلق فى وهى تقبلنى ، اشعر بدفئ حنانها كانها منبع للحنان، اضمها اكتر اشعر بها تحاول ان تذوب فى ان تحتوينى رغبة عارمة تجتاحنى ، اجذبها لتخرج من الماء مرة اخرى اجعلها تفترش الشاطئ كما الامواج وهى مستسلمة فى يدى واستسلامها يدفعنى الى المزيد تتلقى قبلاتى فى اشتياق ادخل فى عالم اخر من النشوة ، اسمع صوتها الرقيق كفى الشمس اشرقت على ان اذهب بسرعة ، تنسل من تحتى تنطلق الى المحيط تغطس لتختفى كما هى عادتها ، اتامل هذه السجادة المائية الممتدة على مرمى بصرى ، ادير ظهرى لها لاتامل تلك السجادة الصفراء من الرمال الممتدة ايضا بلا نهاية بينما انا اقف على الحدود عند التلاقى حيث لايستطع اى من العالمين هزيمة لاخر ، ابتسم راجعا لاذوب فى الصحراء منتظر الغد