الأربعاء، 5 مارس 2008

الشجرة والمرآة


جرت احداث حكايتى هذه وانا طفل فى العاشرة ، فى منطقة سيدى بشر بحرى الاسكندرية كانت جدتى تملك بيتا مكون من 3 طوابق بالشراكة مع اخيها ، وبجانب البيت حديقة تابعة له يفصلها عن البيت باب صغير ، اما الحديقة فكانت واسعة وبها عدد من اشجار الموالح ليمون ويوسفى وبرتقال لا يتجاوز العشرين شجرة وبعض اشجار الكمثرى والمانجو، الى جانب شجرة واحد للظل اظنها صفصافة ، وبطبيعة الحال مثل كل ابناء العائلة كنت لا اولى اى اهتمام بهذه الشجرة والسبب اننا كنا نفرح بثمار هذه الشجرات، الا انى كنت اهتم بها قليلا نظرا الى انى كنت احب تحتها قراءة الكتب والحكايت .

فى ذلك اليوم يوم ان جرت احداث هذه القصة نما داخلى شعور ان هذه الشجرة حزينة لا اعرف لماذا، كنت اتوق الى معرفة سبب الحزن ان كانت فعلا حزينة او ان تخيب ظنى فارتاح من هذا الشعور الذى اصبح يسيطر على.

لكن كيف ادرك هذا كيف اكلمها اتواصل معها لا توجد طريقة لهذا ، مللت من التفكير مررت داخلا الى غرفتى لقيت جدتى جالسة تشرب القهوة بالبهو

تذكرت قصة غريبة حدثت منذ فترة جدتى تنهرنى، لا تنظر الى المرآة كثيرا حتى لا تسحرك ، تسحرنى اى تحولنى الى قرد او ارنب هذا هو مرادف كلمة تسحرنى فى هذا العمر بالنسبة لى، اردفت ان ركزت بشدة فى المرآة سوف تجذبك الى العالم الاخر، انظر هناك للحظات لكن بلا تركيز كل شئ هناك يتكلم يشعر ويحس، ليس كمثل عالمنا هناك كل شئ حى

تتردد هذه الكلامات فى اذنى (هناك كل شئ حى يتكلم يتكلم ) وصلت الى غرفتى لماذا لا اركز واخترق تلك المرآة الى العالم الاخر فاتكلم مع هذه الشجرة ، لكن اشرف ابن عمتى اصطدم بالمرآة من قبل انكسرت واصيب هو بجروح، اه لابد انه لم يركز اكيد لم يركز لانه كان مندفعا على ان اركز

جلست امامها صامتا محاولا التركيز وكلما شعرت انى مركز امد يدى لاخترق العالم السحرى هذا فتصطدم يدى بالمرآة فادرك اننى لم اصل الى الدرجة المطلوبة فاعيد الكرة مرة وراء مرة، اشعر بالنعاس راسى ثقيل جدا عيناى تغفلان انتفض لابد ان اركز اضع رأسى على يداى المربعتان المرتكزتان على (السراحة) امد يدى ما هذا المرآة تستجيب لها كما المطاط ادخل يدى بقوة امد يدى الاخرى وراسى اقف على (السراحة) ثم القى بجسدى كاملا الى الداخل المرآة تتلقنى ثم تنقطع وتلقى بى الى العالم السحرى

ما هذا سريرى ينظر الى بعتاب، دائما ما اهمله كل صباح، اتجاهل نظراته اجذب مقبض الباب بشدة لاخرج، اسمع اه وسبة يتبعها كلمات عن الادب والاستئذان، لا ابالى بها اجرى الى الصالة اجد جدتى تحدث الفنجان بينما ينظر اليها دولاب التحف بحب وود فهى تقدره جدا وتهتم به كانه ولدها، اندفع نحو الباب اقف فجاة لو سمحت ممكن اخرج يبتسم الباب ابتسامة حانية وهو يهمس تفضل ،اخرج دون انتظار امرق من باب الحديقة المفتوح دائما مندفعا حتى اصل اليها تنظر الى بابتسامة حزينة وهى تقول اهلا اين كتابك تفضل اجلس، انظر اليها مندهشا قائلا لا انا جئت لاسئلك هل انت حزينة نظرت الى ومدت احد فروعها احتضنى وهى تقول كيف عرفت وانا اول مرة اكلمك، قلت لها اشعر بهذا استجيب لحركة فرعها واجلس على الارض ولكنى زعلان منك لماذا لم تقولى لى من قبل لماذا لم تخبرينى، تنظر بدهشة كيف هذا لقد قلت لك

لم اسمعك وانت تقوليها بل هذه اول مرة اراكى تتحدثين، تضحك ضحكة عالية ليس كل شعور ينقل بالكلام يكفى ان تركز بحب لتشعر برسالتى لك اعرف انك صغير لكن لابد ان تتعلم هذا، اشعر بالاخرين حس بهم بحبك واهتمامك ستجدهم دائما ما يلجاون اليك

ابتسم لها تكمل قائلة لكن رسالتى وصلتك اليس كذلك، اجيبها نعم لكن لم تصل كاملة اعذرينى فما زلت صغيرا لذا لم اعرف السبب لم اعرف لماذا، تنظر الي بحنو قائلة اعرف هذا لكنى لم اجد غيرك اوصل له رسالتى انت اكثرهم حبا لى ، هل تشعرين بحب الاخرين

نعم طبعا كل كائن خلقه الله عز وجل حى او ميت يشعر بما حوله ، اضحك بشدة معنى هذا ان الكرسى والسرير ووووو يشعرون بحبنا لهم او مقتنا اياهم

تومئ قائلة نعم يشعرون الم تلاحظ دولاب التحف كيف يحب جدتك ، افكر قليلا اصدق كلامها ،اذن سريرى يدرك انى اصبحت لا اطيقة واحتاج واحدا جديد بعد كل هذه السنين كان يجب ان اعامله باحترام اكثر هو اصبح عجوزا لكن يجب الا يشعر انى لا اريده وخصوصا انه كثيرا ما احتوانى وانا تعب وساعدنى على النوم والراحة ، اشعر بذنب شديد اقسم انى اعامل كل كائن بحب وان اضع فى اعتبارى انه يشعر بى

انتبه على فرعها وهو يربت على كتفى انظر اليها قائلا قولى لى لماذا انت حزينة، تبتسم لا اجد الاهتمام مع انى اوفر لكم الظل لكنكم لا تهتمون الا باشجار الثمار فتنتظروا ثمارها بشوق وتهذبوها بل حتى الجناينى لا يعرينى نصف ما يعريه اياهم مع انى لا اقل اهمية بل قد ازيد انا اوفر لكم الجلسة الرطبة انت نفسك لا تقرأ الا هنا هل فكرت يوم تقرا هناك لا ، اشعر بالخجل منها احاول ان ابرر موقفى بل موقفنا كلنا فلا اجد كلمات اعتذر لها اعذرينا تبتسم قائلة هكذا انتم ايها البشر لا تهتمون الا بما يحدثكم عن اعماله، اما من يعمل بلا كلام ويهتم بنفسه ليظل دائما موفرا لكم ما تحتاجون لا تعيروه اى اهتمام ومع الايام يصبح نسيا منسيا ،الا تفعلون هذا مع اهلكم بل مع انفسكم ذاتها

لا افهم كلماتها الصعبة ولكنى ادرك انها محقة فى حزنها اوعدها بتغيير الوضع انطلق جاريا اعبر الباب ادخل غرفتى اقفز بسرعة فى المرآة تتلقانى وتلفظنى بسرعة اتقلب افتح عيناى انا على سريرى اليست قفزة رائعة جدتى تنظر الى قائلة صباح الخير اجيبها صباح الخير يا جدتى

صباح الخير يا سريرى جدتى تندهش وتنظر الى باستغراب

والى الان ينظر جميع العاملون معى بدهشة وانا القى التحية على الماكينات ، او وانا احدثها وهى مريضة اقصد معطلة .

لكنهم سيشعرون بدهشة اكبر لو سمعوها وهى تهمس فى اذناى تحدثنى تشتكى الى وتساعدنى على حل مشكلاتها

ليست هناك تعليقات: