لا ادرى كيف يتخذ الانسان قرار اجراء جراحه هكذا بمنتهى البساطة , تسلم جسدك لشخص لا تعرفه ولا تجمعك به اى علاقة ، بالاحرى كل ما تعرفه عنه انه يملك المقدره على اصلاح المشكلة الطبية المستعصية كما يدعى الناس من حولك او كما تؤكد اليافطة الكبيرة المعلقة على مبنى العيادة
على اية حال هو قرار جرئ جدا وقد يكون الانسان مضطر اليه بعد مشاكل كثيرة او محاولات اصلاح بالطرق التقليدية لم تؤتى اى ثمار بالظبط كما هو الحال فى المفاوضات العربية الاسرائلية المستمرة من عشرات السنين او مفاوضات الحلم العربى الذى تحول الى كابوس
على اية حال ها هو باب المستشفى الاستثمارى وانا متجه بشنطة تحتوى على بيجامة فخمة حريرية (قال يعنى حلبسها ) وعدة غيارات واداوت الحلاقة !!! ، لم ينقصنى سوى مايوه ولبس رياضى لزوم البسين ولعب التنس
استقبال بابتسامات عريضة من النوع الفندقى وفتح الكومبيوتر (لزوم تاكيد ان المستشفى تدار باحدث الاساليب )مع تاكيد شخصى منى ان الانسة لا تفقه شئ فى الكومبيوتر - اه حضرتك محتاج غرفة درجة اولى ولا سويت ولا سوبر سويت معلش حضرتك الدرجة الاولى مليانة والسويتات كلها محجوزة بس فيه واحد محجوز والنزيل اسفة اقصد المريض لسه مجاش اجاوبها الاجابة الوحيدة المتبقية طبعا خلاص سوبر سويت
تنظر الى بتعجب كأن كان من المفروض انى اجادلها واناقشها حتى احصل على السويت المحجوز (حجزا وهميا على ما اعتقد ) والذى يعتبر خط رجعة فى حالة ما اذا نشفت مخى وقررت عدم اجراء العملية واعلنت ان هذا ابتزاز
ابتسامة على وجهها تؤكد انى زبون لقطة وميش بتاع مشاكل ومن عينة هين قرشك ولا تهين نفسك تضغط على زر بجانبها تحضر ممرضة ممن يطلقوا عليهم ملائكة الرحمة (طبعا دا زمان هم دلوقتى سفراء جهنم) تنظر بتهكم لكنها ما تلبس الا ان تبدل ابتسامتها التهكمية بابتسامة مغرية بعد ان تسمع الاستاذ الدور الرابع ( متهيالى دور السوبر سويتس )
نعبر الاستقبال الى داخل المستشفى ، نتجه الى المصعد تتبادل مع الحديث بصوت حنين وكاننا لسنا فى مستشفى انما فى كازينو الوردة البيضة - انت يتشتغل ايه - انا مهندس - شكلك باين عليه - لم افهم العبارة لكنى مشغول بما سيحدث بعد قليل
يقف المصعد فجاة معلنا الدور الرابع نخرج لنجد امامنا مقر الممرضات غرفة الطبيب المشرف على الدور او ما الى ذلك وتتسلمنى ممرضة جديدة اكثر ملائكية من رفيقتى السابقة ( لزوم الدور الرابع ) تدخلنى السوبر سويت وهى تجاوب على سؤال تبادر الى ذهنى وانا فى الاستقبال - الفرق بين السوبر سويت والسويت هو هذا (البارتيشين بينك وبين المرافق) وتردف كلامها استرح وحاول تكون هادئ بعد قليل سياتى الطاقم الطبى لاعدادك للعملية ( وكانهم سيعدوننى الى الانطلاق الى القمر ) لم ارد عليها فالجدال والنقاش مع الاطباء او الاطقم الطبية يعتبر فى عرفهم جريمة
شعور غريب ينتابنى بعد ان خلعت ملابسى وارتديت تلك الملابس الخاصة بالعملية شعور كانى بين السما والارض
دقة على الباب لم ينتظر فاعلها الاذن له بالدخول ، تقتحم الغرفة طبيبة ومعها ممرضتين ، تبتسم لى وهى تطمئننى لاتخف دى عملية من النوع الساهل ثم تنطلق فى قياس درجة الحرارة الضغط ومراجعة التحاليل وبعض الاسئلة من نوعية متى بدا الالم يهاجمك ومتى اخر مرة اصبت بنوبة الم ، وانا اجاوبها بكل صدق ووضوح ، ثم اسئلها سؤال قلب الجو الهادئ فى الغرفة ( ليه كل الاسئلة دى حتقدم او تاخر ) تترك الدوسيه من يدها وتسال السؤال المعتاد حضرتك دكتور ، طبعا الاجابة معروفة فتنطلق بالعبارة الشهيرة (خلاص سيبنى اشوف شغلى) ابتسم تسالنى انت عملت منظار سى تى ايه ؟ تنظر لها الممرضة بتعجب فما تلبث ان تقول اسفة اشعة اؤكد لها ان كل ما فعلته فى الفايل الموجود امامها تبتسم وتؤكد بالشفا العملية بعد ساعة وتنهى كلامها طبعا انت عارف ممنوع الاكل والشرب وانت اكيد صايم من امبارح اومئ براسى بما يعنى نعم
يخرج الطاقم الطبى احاول اغماض عينى لعلى احصل على القليل من الهدوء اتذكر لحظاتى السعيدة ابتسم يا ليتنى اصطحب من احببت معى لغرفة العمليات اتوه فى عالمى البعيد كلمات همسات ضحكات ، هل ساعيش لاراكى ثانية ام ساصعد الى السماء لاراقبك من عالم اخر
الباب يدق فجاءة وتدخل ممرضة تعلن هيا الطبيب جاهز انظر الى الساعة مازال امامى ساعة الا ربع تبتسم المريض الاول لم ياتى فقرر الطبيب اجراء جراحتك اولا انظر اليها مستغربا -لكنى لست جاهزا مازال امامى الكثير لافكر فيه تنظر الى فى بلاهة ثم تردف متفكرش كلها ساعة وتطلع تفكر براحتك
ابتسم لها واخرج معها الى غرفة الجراحة
ما كل هؤلاء الناس (احذية كثيرة فى المنطقة قبل الخط الاحمر تدل على وجود اكثر من عشرة اشخاص بالداخل) تبتسم الممرضة انهم الطاقم الجراحى - كل هؤلاء دى على كدة غرفة العمليات (حتبقى زى الاوتوبيس) تضحك الممرضة ( ميش للدرجادى ) اقابل الدكتور الذى يعرفنى بدكتور التخدير ويسالنى السؤال المعتاد جاهز يا بطل - ارد الاجابة المعتادة طبعا جاهز - طيب يالا بينا نص ساعة ونطلع
الغريب انه لم يقم بل اصطحبتنى الممرضة الى غرفة العمليات ونمت على السرير وسط كلمات المساعدات متخفش دى حاجة سهلة اوى واخرى زى شكة الدبوس ميش حتحس غير بالشكة دى بس (وهى تركب الكانيولا فى يدى اليسرى ) ثم طبيب من النوع الظريف يحقنى بالمخدر ويسالنى عن عملى فاجاوبه مهندس كههههههههههههههههههههههههههررررررررررباااااااااااااااااااااااااااااا وانظر يمينى الى المساعدة وهى تجهز الادوات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق