الثلاثاء، 22 مارس 2011

ام الشهيد



بعض الاوقات لا تستطيع ان تدون ما تشعر به لانك ببساطة لاتدرك كون هذا الشعور فخر ام انبهار ام هيبة للموقف ، ان تقرر رفع السماعة لتتحدث الى انسان لم تعرفه من قبل مهنئا بمناسبة ،تصورت انه شئ به تطفل الا ان الرسالة كانت واضحة حاولو الاتصال بهم كنوع من رد جميل لن يرد حتى جزء منه لكنها محاولة

نقلت اكبر عدد ممكن من ارقام التليفونات موضحا بجانب كل رقم اسم الشهيد ، نظرت فى الارقام رعشة سرت فى جسدى لم اشعر بها حينما ذهبت الى ميدان التحرير ، فالاستشهاد له قدسية لا تضاهيها اى قدسية حتى لو كانت القضية التى من اجلها ضحى البعض بارواحهم

المهم بلا اى فلسفة بدأت احاول الاتصال باى من الارقام الجميع مشغول ، مؤشر جيد هذا دليل ان المصريين يقومون بدورهم ، و هذا زود من عزمى على ان اتصل بكل ام من امهات الشهداء لاقول لها كل سنة وانت طيبة كل سنة وانت عظيمة كل سنة وانت ام لنا جميعا يا ام الشهيد

لم يحالقنى الحظ على مدى اكثر من ثلاث ساعات من المحاولات والتليفونات اما مشغولة او لا تجمع او اخيرا مغلقة ، صراحة كدت اياس وقلت لنفسى مكالمتى لن تؤثر طالما كل المصريين يحاولون فلن اضيف

لكن محاولة اخرى كانت ناجحة فرقت كثيرا فبمجرد ان دق الجرس خفق قلبى بشدة وبصورة عنيفة واحسست ان كل امنيتى فى هذه اللحظة ان ترد ام الشهيد ان اقول لها كل سنة وانت طيبة وكل مصر طيبة وحرة بخيرك ، الجرس مستمر بلا اجابة اليأس بدأ يدب فى نفسى مرة اخرى ، وانقطع الخط اخيرا ولم يرد احد هل اكرر المحاولة ليست من طباعى ان اكرر محاولة الاتصال مرتين متتاليتين الا فى الحالات القصوى لكن بلا اى تفكر اضغط الزر الاخضر معلنا عن رغبة عنيفة فى ان اقوم بهذا الاتصال

الجرس يرن مرة اخرى عدة مرات ووسط سحابة من الياس وفقدان الامل ترد ام الشهيد بصوت يملا اذنى فرحة الو السلام عليكم كم كانت جميلة الكلمة تشعر بان الصوت هادئ وصافى قوى يستمد قوته من فرحة نصر اتى بعد تضحية اقل ما يقال عنها انها ام التضحيات اوليست النفس اغلى ما نملك ، كلمات منى مثل كل سنة وانت طيبة يا حاجة وانت امنا كلنا كانت كلماتها بسيطة ربنا يحميلنا مصر وينصرها ويخلصها من كل ظالم لم اجد اى كلمات اعبر بها بعد دعوتها سوى ادعيلنا كلنا يا حاجة ادعى لكل المصريين ربنا يسدد خطاهم وينصرهم انت امنا كلنا دلوقتى ترد بكلمة بدعلهم يابنى بدعلهم فى كل صلاة ارد مع السلامة يا حاجة وبعد سلاما اغلق الخط متأثرا، شئ ما هزنى بشدة انا حتى لم اقل من انا (مجرد مصرى يعمل بالخارج ليس اكثر ) ولم اعرف هى ام من من شهداءنا لان الارقام اختلطت عندى مع بعضها نظرت الى صور الشهداء يا ترى من منهم كلمت امه ، السؤال الاهم هل هناك ما يستحق كل هذا هل السلطة تذهب بعقل اصحابها لدرجة انهم يقتلون انسان لمجرد الاحتفاظ بها ، اى شئ يساوى دم هذا الشهيد اى شئ فى العالم كله يضاهى حزن هذه الام

حرية وطن خلاص من مستبد طاغية والقضاء على فساد كل هذا هل يساوى روح شاب واحد ، نعم اعتقد انها تساوى ارواحنا كلنا لكى يعيش غدا ابناءنا افضل مما عشنا نحن ، حتى يكون امن الدولة بشكله الفديم مجرد ماضى يروه فى بعض الافلام ، حتى تكون انتخابتنا مجرد حدث مهم يقضية الانسان بسلاسة وبلا اى حسابات امنية ، حتى يكون خير هذه البلد لابنائها ، حتى يكون الفساد استثناء وليس قاعدة

اخيرا كل سنة وكل ام شهيد طيبة

ليست هناك تعليقات: